وكان عهد الله (*) عز وجل مع ابراهيم عليه السلام في زمن ابنه البكر اسماعيل عليه السلام وقبل ان يولد ابنه الثاني اسحق عليه السلام وكما جاء في التوراه : " واقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في اجيالهم عهدا ابديا لاكون الها لك ولنسلك من بعدك * واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا واكون الههم * هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر". (تك :الأصحاح السابع عشر: ايه 9-7) , : " فاخذ ابراهيم اسماعيل ابنه وجميع ولدان بيته وجميع المبتاعين بفضته كل ذكر من اهل بيت ابراهيم وختن لحم غرلتهم في ذلك اليوم عينه كما كلمه الله " (تك: الاصحاح 17 : ايه 23) " في ذلك اليوم عينه ختن ابراهيم واسماعيل ابنه " (تك: الاصحاح 17: ايه 26) , ولم تذكر هذه الايات سيدنا اسحق دلاله على عدم ولادته بعد عندما تم العهد بين الله عز وجل مع ابراهيم عليه السلام, فلقد تم هذا العهد في ذلك اليوم قبل ولاده اسحق : " في ذلك اليوم خُتن ابراهيم واسماعيل ابنه " .
اي ان العهد كان في نسل ابراهيم من خلال ابنه البكر اسماعيل وليس اسحق كما يدعي اليهود والنصارى ( واما اسماعيل فقد سمعت لك فيه ها انا اباركه واثمره واكثره كثيرا جدا اثني عشر رئيسا يلد واجعله امة كبيرة (تك: الاصحاح 17: ايه 20) , والدليل على ذلك ان الله عز وجل اعطى ابراهيم موثقا بمنح نسله الارض ما بين النيل الى الفرات : " في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً . لنَسلِك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات " (تك:الاصحاح 15: ايه: 18) , وهو ما لم يتحقق لنسل اسحق وحتى عندما كانت دوله بني اسرائيل في اوج قوتها وعظمتها في زمن سيدنا سليمان الذي لم يستطع فرض سلطته سوى على اجزاء من وسط فلسطين , وحتى اثناء تواجد بني اسرائيل في ارض النيل أو خلال فتره السبي في ارض الفرات لم يكن لهم الحكم او السيطره , وكان حكم اليهود كدوله في ارض كنعان (فلسطين) وحتى دمار الهيكل على يد نبوخذ نصًرلا يزيد عن 400 سنه وعلى فترات متقطعه, تشردوا بعدها في اسقاع الارض وخاصه بعد ان قام الحاكم الروماني " تيطس " سنه 70 ميلاديه بتدمير الهيكل الثاني ونفي اليهود من ارض كنعان, فكيف تكون النبوءه والعهد لاسحق والتوراه تقول : " واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا ابديا واكون الههم " (تك :الأصحاح السابع عشر: ايه 8) . فاين هذا الملك الابدي الذي اعطي لهم ودولتهم القديمه لم يزد عمرها عن 400 عام ودولتهم الحاليه لن تبقى سوى لعقود ان شاء الله.
أن اتباع سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام وامتدادا لجده الاكبر سيدنا اسماعيل بكر سيدنا ابراهيم هم من ورثوا الارض من الفرات الى النيل وابعد من ذلك وستبقى لهم الى يوم الدين , كما اننا نلاحظ ان مصوغات هذا العهد كانت اكثار نسل من اعطي العهد له : " واما اسماعيل فقد سمعت لك فيه ها انا اباركه واثمره واكثره كثيرا جدا اثني عشر رئيسا يلد واجعله امة كبيرة " وكما جاء في الاصحاح السادس عشر " وقال يا هاجر جارية ساراي من اين اتيت والى اين تذهبين فقالت انا هاربة من وجه مولاتي ساراي * فقال لها ملاك الرب ارجعي الى مولاتك واخضعي تحت يديها* وقال لها ملاك الرب تكثيرا اكثر نسلك فلا يعد من الكثرة " (التكوين الأصحاح السادس عشر ايه 9,10) , فعدد المسلمين يتجاوز المليار ونصف وهو ما لم يتحقق لبني اسحق متمثلا باليهود (عدد اليهود في يومنا هذا لا يزيد عن 20 مليون نفس على ابعد تقدير) وبهذا نرى ان العهد الذي كان مع ابراهيم قد تم تحقيقه متمثلا بابنه اسماعيل وليس بابنه الثاني اسحق.
وقد يقول قائل من اتباع بولس ان سيدنا عيسى عليه السلام هو امتداد لنسل اسحق عن طريق سيدتنا مريم (اخترعوا نسبا لسيدنا عيسى عن طريق يوسف النجار كأب لعيسى) وان عدد اتباع بولس من المسيحيون يقارب عدد المسلمين فلماذا لا يكون العهد لهم ولسيدنا اسحق؟.
اذا جارينا اتباع بولص بادعائهم هذا بان نسب سيدنا عيسى هو امتداد لنسل سيدنا اسحق فاننا نجد ان شروط عهد الله مع ابراهيم عليه السلام لا تنطبق عليهم للاسباب التاليه:
-
ان اول شرط من شروط هذا العهد هو " الختان " : " هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر " وهذا الامر لا يتوفر عند اتباع بولص لنسخ بولس مخترع المسيحيه له مخالفا تعاليم الله وتعاليم المسيح ابن مريم ومخالفا شريعه موسى ومخالفا عهد الختان.
-
صحيح ان الله عز وجل قد بارك على اسحاق وليس في نسل اسحق " وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين " ولكننا نرى ان من ذريته من هو ظالم لنفسه ظلما بينا كاليهود الذين قتلوا انبياء الله وحرفوا كلماته وكاتباع بولس الذين اشركوا بالله بادعائهم كذبا ان المسيح عليه السلام ابن الله " وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا " وما كان سيدنا ابراهيم مشركا أو يهوديا أو نصرانيا بل كان حنيفا موحدا , ولم يكن قد تنبأ بوجود ابن لله تنزه سبحانه عن الولد أو الشريك وهو الذي حطم الاصنام لكي لا تعبد من دون الله , وها هو بولس مخترع المسيحيه يعيد تلك الاوثان والاصنام ممثله بالصليب وعيسى بن مريم وامه لتعبد شركا مع الله مدّعين كما ادّعى عبده الاوثان من قبلهم ان هذه الاوثان تقربهم زلفى الى الله , وبذلك لا تنطبق شروط عهد الله مع ابراهيم على اليهود او النصارى تبعا لذلك.
ان اليهود واتباع بولس ولنفي حقيقه ان سيدنا اسماعيل هو ابن شرعي لسيدنا ابراهيم ولتمرير تحريفهم للتوراه بادعائهم ان وحيد سيدنا ابراهيم هو اسحاق, حين ادّعوا ان اسماعيل ابن جاريه لا يعترف به كوريث لابيه وهذا امر غير مقبول حتى عند اليهود انفسهم, فكيف ان اليهود قد اعترفوا باولاد سيدنا يعقوب الاثنا عشر كاسباط لبني اسرائيل ورثوا جميعا اباهم يعقوب كابناء متساوون شرعا وحرًموا ذلك على سيدنا اسماعيل وهؤلاء الاسباط هم خليط وُلِدوا لسيدنا يعقوب من جوراري زوجاته ( زلفة وبلهة ) ومن زوجاته ايضا ( ليئة وراحيل ) وكما جاء بالتوراه نفسها " فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب، أعطته بلهة جاريتها زوجة، فدخل عليها يعقوب، فحبلت بلهة، وولدت ليعقوب ابنًا دعت اسمه دانا (سبط) ، وولدت ابنا ثانيًا ليعقوب دعت اسمه نفتالي (سبط) * ولما رأت ليئة أنها توقفت عن الولادة أخذت زلفة جاريتها وأعطتها ليعقوب زوجة، فولدت زلفة ليعقوب ابنًا، دعت اسمه جادًا (سبط)، وولدت ابنًا ثانيًا ليعقوب، ودعت اسمه أشير (سبط)" (تكوين 30: 1 - 13)
وعلى ذلك فإن محاوله اليهود واتباع بولص حصر ميراث إبراهيم - الروحي والمادي - في ولده إسحاق وذريته مع تجريد إسماعيل وبنيه من ذلك الميراث تحقيقا لاهدافهم، إنما هو تعصُّب ممقوت من صنع البشر، وافتراء وتحريف على ما جاء في اسفار العهد القديم من نصوص ومعاني, وها هي التوراه تؤكد لنا محبه ابراهيم لابنه شرعا اسماعيل بالدعاء الى الله له " « ليت إسماعيل يعيش أمامك »، فاستجاب له الله وقال له: « قد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره، وأكثره كثيرًا جدًّا، اثنى عشر رئيسًا يلد، وأجعله أُمة كبيرة " (تكوين 17: 18، 20).
" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا " [مريم: ايه 54,55]
عهد الختان كان في اسماعيل ولم يكن في اسحق عليهما السلام
" رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ* فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ* فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " [الصافات: ايه 99-102]
" وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا " [مريم: ايه 54]
(*) عهد الله سبحانه وتعالى مع سيدنا ابراهيم كان اكراما لسيدنا ابراهيم ونسله من بعده ويتمثل هذا العهد بالتزام نسل ابراهيم عليه السلام بعباده الله الواحد الاحد على مله ابراهيم حنيفا وان لا يشركوا به احدا وكان الختان هو شرط الالتزام بهذا العهد والبدأ بسريانه, وكل من حاد عن مله ابراهيم أو انكر الختان يكون ناقضا للعهد وغير مكتمل الايمان. مقابل ذلك وعد الله سيدنا ابراهيم ان يبارك له في نسله ويستجيب له فيهم , ولقد تم هذا العهد في زمن سيدنا اسماعيل وقبل ولاده اسحق عليه السلام , اي ان عهد الله مع ابراهيم كان في اسماعيل وقبل ولاده اسحق.
مواضيع ذات صله
ولد سيدنا إسحاق وعمر سيدنا إبراهيم مائة سنة، وبعد أخيه سيدنا إسماعيل بأربعة عشر سنة، وكان عمر أمه السيدة سارة حين بشرت به تسعين سنة، قال تعالى" وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين " وقد ذكره سبحانه وتعالى بالثناء عليه فى أكثر من آية من كتابه العزيز وقد قيل أن سيدنا إسحاق عندما تزوج رفقا بنت بتواييل فى حياة أبيه كان عمره أربعين سنة وأنها كانت عاقرا فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توءمين أولهما سمى (عيصو) وهو الذى تسميه العرب (العيص) وهو والد الروم، والثانى خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه (يعقوب) وهو إسرائيل الذى ينتسب إليه بنو إسرائيل.
موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

Email: mshahin@digimeters.com
الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او ا لنشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص
Last Update: April 2018
© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com