top of page

تعتبر الروح من وجهه النظر الاسلاميه مخلوق من أعظم مخلوقات الله ويختص سبحانه وتعالى بامرها دون خلقه, كقوله سبحانه وتعالى: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء: ايه 85]  ولقد شرفها الله عز وجل وكرمها غاية التشريف والتكريم فنسبها لذاته العلية في كتابه الكريم كقوله سبحانه: " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " فهي من روح الله ومن اثره سبحانه وتعالى.

 

لما كانت فيزيائيه السماء الدنيا ماديه الخلق لذا فلقد خلق الله سبحانه وتعالى " نفس " سيدنا آدم مع وعائها المادي (الجسد) لكي تستطيع هذه النفس العيش في السماء الدنيا من خلال هذا الجسد , ولكون هذا الجسد ذو خصائص ماديه الخلق والروح التي سوف تمنح الحياه لهذا الجسد ذات خصائص نورانيه الخلق لذا فان البدن (الجسد) كوعاء, سوف لا يستطيع الارتباط والتفاعل مباشره مع الروح التي سَتمنحُ له الحياه لكون الروح نورانيه الخلق والجسد مادي الخلق, ولكل قوانينه الفيزيائيه المختلفه عن الآخر, لذا فلقد خلق الله عز وجل " النفس " كمخلوق يحمل صفه الماده من جهه ويحمل صفه الطيف من جهه أخرى,  ف " النفس " مخلوق يتمتع بخصائص فيزيائيه تجمع ما بين الماده والطيف الاثيري في الوقت نفسه. 

 

فالنفس ترتبط بالجسد المادي من خلال جهتها الماديه الخواص, وتتصل بالروح من خلال جهتها الطيفيه الخواص لكي تمنح الحياه للجسد من خلال الحياه الممنوحه للنفس من الروح, ويكون ارتباط النفس بالبدن ماديا وطيفيا (موجيا) في آن واحد فهي اكثر ارتباطا وتأثيرا بالبدن طيفيا  من خلال الاعضاء ذات النشاط الطيفي كالقلب والدماغ (النشاط الكهرومغناطيسي والموجي) لذا فهي المحرك المتحكم بالعواطف والانفعالات والسكينه والحب والتخيل والفعل والتفاعل .. وما الى ذلك عند البشر, ولها الدور الاكبر في آليات التحكم بالبدن والتأثير عليه سلبا او ايجابا ومن هنا قد يقوم البدن بتصرفات تغضب الله عز وجل نتيجه وسوسه النفس او ان تتأثر النفس برد فعل  الوازع الديني للنفس مما يؤدي الى تغلب تقوى النفس على فجورها , فالنفس حينما تنحرف عن منهج الله عن وعي أو عن غير وعي، عن إرادة أو عن غير إرادة، هذا الانحراف تكشتفه النفس بذاتها وهذا ما يسمى بالفطرة لانها ملهمه من خالقها بذلك  كقوله عز وجل " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا

 

عندما يُقَدر الموت على الإنسان في الحياة الدّنيا بانتهاء اجله, عندها  سَتَذوقُ نفسه طَعْمَ الْمَوْتِ كما جاء في قوله عز وجل: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُون "[العنكبوت: آيه 57],  حيث تبين لنا هذه الايه الكريمه بقوله سبحانه: " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ " ان النفس لا تموت هنا بل تذوق طعم هذا الموت عندما يقوم ملك الموت بأمر من الله عز وجل  بنزع نفس هذا الانسان عن جسده وهذا هوالموت الاول لذلك الإنسان والذي قد انتهى أجله بتوقف عمله وذلك بانتهاء عمره المقدّر له ، ومعنى ذلك والله اعلم, ان "النفس" ستبقى حيه ومتصله بالروح والذي يموت ويفنى هو جسد ووعاء تلك النفس, وهذا ما يبين حقيقه عذاب القبر وحسابه الذي يتم بالنفس وليس بالجسد, لان النفس هي المتحكم بهذا الجسد فعلا وعملا  وكما قلنا سابقا فما الجسد الا وعاء تستخدمه النفس لكي تستطيع العيش في الوسط المادي للسماء الدنيا لكون هذه النفس مخلوق مختلط طيفي ومادي الصفات, فالروح تمنح الحياه للجسد الوعاء عن طريق النفس وبانتزاع النفس من هذا الجسد يموت هذا الجسد لانقطاع الروح عنه وتبقى نفسه حيه بارتباطها بالروح الى حين موتتها الثانيه وكما بينه لنا سبحانه وتعالى بقوله عز وجل: " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا " فوفاه النفس يكون بمنع الله جلت قدرته الروح من العوده الى تلك النفس كقوله سبحانه " فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ" اي يمسك روح النفس التي قضى عليها بالموت من العوده الى تلك النفس. 

 

الفرق بين الروح والنفس هو أن لكلٍّ منهما وجود مستقلّ، وكلٌّ منهما قد خلْقُه الله عزَّ وجلّ، فالنفس قد تكون موجودة عند جميع المخلوقات وهي التي تمثل المادية والوجود الموضوعي للمخلوقات وهي التي تتألم وتحس بالعواطف والانفعالات والسكينه والحب والتخيل عند البشر , وما الى ذلك  من النشاطات وتنام وترتاح وتهرم وتموت. أما الروح فهي سر إلهي يختص بامره الله سبحانه وتعالى، واثر فعلها ينسب لله خالقها سبحانه, مما يزيدها ويزيد الإنسان رفعة وتشريفاً بهذا الانتساب.

الروح والنفس

 

فالنفس هي من يموت وهي من يعذب وهي من يُنعّم ولا دخل للروح بالعذاب او النعيم, فما الروح الا خلق نوراني يختص بعلمه وكنهه الله سبحانه وتعالى, والقول بان الروح تعذب كما قال ابن تيميه رحمه الله الذي قال في تفسيره : " ومذهب الصحابه والتابعين لهم باحسان وسائر سلف الامه وائمه السنه ان الروح عين قائمه بنفسها تفارق البدن وتنعم وتعذب وليست هى البدن ولا جزء من اجزائه".... وهذا القول لابن تيميه هو قول باطل والشواهد عليه كثيره, منها قوله سبحانه وتعالى " فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا "  [التحريم - ايه 12], وكقوله جلت قدرته " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي"  [الحجر - ايه 29], حيث تشير هذه الايات الكريمات ان الروح فعل أثر يخص الله سبحانه وتعالى " مِنْ رُوحِي" , فكيف يعذب اثر من أثر الله جلت صفاته ؟!

 

وقد يقول قائل ان هذا الامر يخالف ما جاء في الاثر بانه " متى فارقت الروح البدن بموته كان مستقرها مختلفا ، فارواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فى أعلى عليين فقد صح أن آخر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم الرفيق الأعلى " وعليه فلقد فسروا هذا القول بأن مستقر أرواح الشهداء فى الجنة وأرواح أطفال المؤمنين ما هو قريب من ذلك وأرواح غير المسلمين وغير المؤمنين فى سِجين , .... وتعليقا على ماجاء بذلك فاننا نلاحظ ان ما جاء في هذا الاثر هو اجتهاد مردود عليه, فلم يشر قوله عليه السلام "اللهم الرفيق الأعلى" الى ان المقصود هو الروح او بان الروح 

(*)         نظريه الاسقاط النجمى Astral Projection  هي نظريه تبحث في حالة الوعي أثناء النوم، عندما يكون الجسد نائماً بينما يكون العقل في حالة يقظة تامة, حيث يعتقد بوجود جسد أثيري أو جسم من الطاقة ينفصل عن الجسم المادي حيث يبقى حوله أثناء النوم ويكون قريبا منه اثناء اليقظه. هناك فروع عديدة للإسقاط النجمي أهمها: تجربة الخروج من الجسد (Out of Body Experiences), الأحلام الجلية (Lucid Dreaming), والتخاطر (Telepathy) اضافه الى علم الرؤيا عن بعد (Remote Viewing) والذي له اهميه بمكان لدى العديد من أجهزة المخابرات مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والتي تولت رعاية برامج عن الباراسايكولوجي وخاصة الاستشعار عن بعد مثل برنامج ستارغيت.

(**)      روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لكل إنسان نفسان نفس العقل الذي به التمييز , ونفس الروح الذي به الحياة ( الصوره الماديه للعقل والصوره الطيفيه الاثيريه للروح )

نظريه الاسقاط النجمى (*)  Astral Projection

يعتقد المشتغلون بالإسقاط النجمي بوجود جسد أثيري أو جسم من الطاقة ينفصل عن الجسم المادي حيث يبقى حوله أثناء النوم ويكون قريبا منه اثناء اليقظه. 

 من القضايا الخلافيه الاخرى فيما يختص النفس والروح ما جاء من تضارب في حديثين منسوبان لسيدنا محمد عليه الصلاه والسلام, فالحديث الاول ينص: " إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلام حَتَّى يَجْلِسَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَيَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ قَالَ : فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ قَالَ : فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلإٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِلاّ قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ فَيَقُولُونَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ ..... الحديث

 

اما الحديث الثاني فانه  ينص: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْمَيِّتُ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحًا، قَالُوا: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَيُفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : فُلَانٌ ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ ، ادْخُلِي حَمِيدَةً ، وَأَبْشِرِي بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ ، وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى يُنْتَهَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي فِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّوَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ السُّوءُ ، قَالَ : اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ ، اخْرُجِي ذَمِيمَةً ، وَأَبْشِرِي بِحَمِيمٍ ، وَغَسَّاقٍ ، وَآخَرَ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ، فَلَا يَزَالُ يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَلَا يُفْتَحُ لَهَا ، فَيُقَالُ : مَنْ هَذَا ؟ فَيُقَالُ: فُلَانٌ ، فَيُقَالُ : لَا مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الْخَبِيثَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الْخَبِيثِ، ارْجِعِي ذَمِيمَةً ، فَإِنَّهَا لَا تُفْتَحُ لَكِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، فَيُرْسَلُ بِهَا مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ تَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ "  صححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .


نرى ان هنالك تضارب في الحديثين, فاحداث الحديث الاول تخص النفس كما انه يشير الى ان النفس يصعد بها الى السماء بعد موتها والغريب ان الملائكه تخاطبها  بلفظه الروح "هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ" بدلا عن مخاطبتها

تمايز النفس في الجسد

ودخول الروح وخروجها منها

 

فكما قلنا سابقا فان علاقه الروح النورانيه بالجسد المادي يتم من خلال " النفس" ذات الخصائص الماديه اضافه الى الخصائص الاثيريه (الطيفيه) , حيث لا يمكن للروح الارتباط بالجسد مباشره لاختلاف نوعيه خلق كل منهما ولذا كانت " النفس" هي الوسيط المخلوق ما بين الروح والجسد, ولكون الجسد المادي ينشأ في الارحام من اصل مادي (النطفه والبويضه) وتكون عندها " النفس" عند الجنين امتدادا  لنفس الام في المراحل الاولى لخلق هذا الجنين, وعند اكتمال اساسيات خلق الجنين واكتمال وظائف الأعضاء المخلّقة فيه، عندها  تتمايز " نفس" الجنين بصفتها الماديه والطيفيه وتنفصل عن " نفس" امه المادي والطيفي,  وتستقل بفعلها الارادي عن فعل نفس الام وهو ما ينعكس على هذا الجنين من افعال اراديه كالنوم, والتنفس , والاحساس والحركه وما الى ذلك, وعند هذه المرحله تتدخل العنايه الالهيه بنفخ الروح بالجنين لاكتمال تمايز " نفسه " و قدرتها على استقبال هذه الروح والارتباط بها... وعندها يصبح الجنين خلقا آخر غير ابويه, فسبحان الله العظيم القائل وقوله الحق " وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ".

 

تتصل الروح  أو تنفصل عن البدن من خلال " النفس" وعلى عده صور منها ما جاء في قوله سبحانه وتعالى" اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الزمر - ايه 42], يبين لنا الله عز وجل في هذه الآيه الكريمه ان الانسان عند موته تفارق الروح "نفسه" أوتنزع الروح منها عند الموت " اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا " اي يميت الانفس بنزع الروح منها, فإذا نام الإنسان يقبض الله تعالى عليه روحه , ويمسكها  اذا ما قضى سبحانه على هذا النائم بالموت, ويرسلها دون ذلك لتعود الى جسد النائم  , ولاجل محدود بحدود عمر هذا الانسان, وعوده الروح الى النفس بينها لنا الحبيب المصطفى بقوله عليه الصلاه والسلام لما نام عن صلاه الفجر " ان الله قبض ارواحكم حين شاء وردها عليكم حيث شاء ".

" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء: ايه 85]

" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء: ايه 85]

وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا "" [الشمس: ايه 7-10]

علاقه النفس بالقلب

 

نتيجه لابحاث عديده تبين ان الدماغ البشري ليس له سلطه التحكم في آليه عمل القلب (*) بل العكس من ذلك فالقلب عن طريق عقله هو الذي يلعب الدور الرئيس في تغذيه الدماغ البشري كجهاز تنفيذي بالاوامر والمعلومات (**) التي يجمعها القلب من اصغر خليه في الجسم الى اكبر اجهزه الجسم كالرئه والمعده والامعاء وما الى ذلك ... نتيجه كون القلب هو المستقبل الاول لتلك البيانات الآتيه من انحاء الجسم عن طريق الدم وقبل ان تصل الى الدماغ, حيث يقوم عقل القلب بتحليلها ومعالجتها وارسالها الى الدماغ بصوره هرمونات معقده لتنفيذ ما يتطلب منها وتخزين تلك البيانات بصور مختلفه تبعا لنوعيه تلك البيانات واهميتها.

 

اضافه لاستقلاليه عمل القلب  فان من الثابت علميا ونتيجه للعديد من التجارب ان القلب هو مركز الشعور والعواطف والاحساس والمعتقدات الدينية والروحيه والتأمل... وما الى ذلك وهو ما اثبتته عمليات زراعه القلب الطبيعي (***) , وخلافا لما كان عليه الامر عند زراعه القلب الصناعي (****) حيث تبين دون ادنى شك دور القلب في مركزيه التحكم بالدماغ البشري. وهذا الامر يعكس برأيي مدى التآثر والتفاعل ما بين " القلب " و " النفس " ككيان مهيمن على البدن يكون فيه ارتباط النفس بالبدن ماديا وطيفيا (موجيا) في آن واحد فهي اكثر ارتباطا وتأثيرا بالبدن طيفيا  من خلال الاعضاء ذات النشاط الطيفي كالقلب والدماغ (النشاط الكهرومغناطيسي والموجي) وبالتالي تتفاعل " النفس " مع عقل القلب ومن خلاله تتحكم بالعواطف والانفعالات والسكينه والحب والتخيل , وما الى ذلك  من النشاطات, والنفس لها الدور الاكبر في آليات التحكم بالبدن والتأثير عليه سلبا او ايجابا من خلال عقل القلب. 

(*)        يُخلق القلب قبل الدماغ في الجنين، ويبدأ بالنبض منذ تشكله وحتى موت الإنسان. ومع أن العلماء كانوا يعتقدون أن الدماغ هو الذي ينظم نبضات القلب، إلا أنهم لاحظوا شيئاً غريباً وذلك أثناء عمليات زرع القلب، فعندما يتم وصل القلب الجديد في صدر المريض يبدأ القلب بالنبض على الفور وقبل ان يتم وصل القلب بالدماغ عن طريق العصب الشوكي اي ان القلب بدأ ينبض آليا دون ان ينتظر الدماغ حتى يعطيه الأمر بذلك. 
(**)      في نهايات القرن الماضي تبين لبعض الباحثين في معهد امراض القلب بجامعه بنسلفانيا وجود علاقة بين القلب والدماغ، حيث تبين لهم أن للقلب دور اساسي في فهم العالم من حولنا، وان هنالك علاقة قوية بين ما يفهمه ويشعر به الإنسان، وبين معدل ضربات القلب وضغط الدم والتنفس في الرئتين. وبعد ابحاث عديده وموثقه وجدوا بأن القلب يؤثر بشكل مباشرعلى النشاط الكهربائي للدماغ البشري سلبا او ايجابا والذي يعكس فاعليه نشاط الدماغ نتيجه لذلك.
(***)    قام الدكتور Schwartz بزرع قلب لطفل من طفل آخر أمه طبيبة وقد توفي وقررت أمه التبرع بقلبه، ثم قامت بمراقبة حالة الزرع جيداً، وتقول هذه الأم: "إنني أحس دائماً بأن ولدي ما زال على قيد الحياة، فعندما أقترب من هذا الطفل (الذي يحمل قلب ولدها) أحس بدقات قلبه وعندما عانقني أحسست بأنه طفلي تماماً، إن قلب هذا الطفل يحوي معظم طفلي"! , والذي أكد هذا الإحساس أن هذا الطفل بدأ يظهر عليه خلل في الجهة اليسرى، وبعد ذلك تبين أن الطفل المتوفى صاحب القلب الأصلي كان يعاني من خلل في الجانب الأيسر من الدماغ يعيق حركته، وبعد أن تم زرع هذا القلب تبين بعد فترة أن الدماغ بدأ يصيبه خلل في الجانب الأيسر تماماً كحالة الطفل الميت صاحب القلب الأصلي.
(****)  بتاريخ 11/8/2007 نشرت جريدة Washington Post  تحقيقاً صحفياً حول رجل اسمه Peter Houghton الذي أُجريت له عملية زرع قلب اصطناعي، حيث صرح هذا المريض لمراسل الجريده قائلا: "إن مشاعري قد تغيرت بالكامل، فلم أعد أعرف كيف أشعر أو أحب، حتى أحفادي لا أحس بهم ولا أعرف كيف أتعامل معهم، وعندما يقتربون مني لا أحس أنهم جزء من حياتي كما كان عليه الامر من قبل كما قالت لي ابنتي". لقد أصبح هذا الرجل غير مبال بأي شيء، لا يهتم بالمال، لا يهتم بالحياة، لا يعرف لماذا يعيش، بل إنه يفكر أحياناً بالانتحار والتخلص من هذا القلب المشؤوم! لم يعد هذا الإنسان قادراً على فهم العالم من حوله، لقد فقَد القدرة على الفهم أو التمييز أو المقارنة، كذلك فقد القدرة على التنبؤ، أو التفكير في المستقبل أو ما نسميه الحدس. حتى إنه فقد الإيمان بالله، ولم يعد يبالي بالآخرة كما كان من قبل!!

مواضيع ذات صله

هل النفس هي الروح

 

يقول بعض المفسرين اثابهم الله كابن تيميه وغيره أن الروح والنفس شيء واحد، وبأنه (الروح والنفس) جسم لطيف مشابك للأجسام المحسوسة يجذب ويخرج، وفي أكفانه يلف ويدرج، وبه إلى السماء يعرج، لا يموت ولا يفنى وهو ممّا له أول وليس له آخر، وهو بعينين ويدين، وأنه ذو ريح طيب وخبيث. وهذه صفة الأجسام لا صفة الأعراض, متعللين في قوله عليه السلام: «إن الروح إذا قبض تبعه البصر». وقوله: « فذلك حين يتبع بصره نفسه » ما يستغنى به عن قول كل قائل في الروح والنفس، وإنهما اسمان لمسمى واحد. ان ما جاء به هؤلاء المفسرون من اجتهاد هو اجتهاد غير صحيح وغير موفق للاسباب التاليه:

 

اولآ:  ان الموت يكون " للنفس " وليس للروح مصداقا لقوله تعالى " اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الزمر - ايه 42]  حيث تبين لنا هذه الايه الكريمه ان الانفس هي التي تموت " اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا "  اما روح هذه النفس فيمسك بها الله عز وجل لكي لا تعود لتلك النفس وكما جاء في قوله سبحانه " فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ " , فلو كانت النفس واروح شيء واحد لتعارض ذلك مع ما جاء في قوله سبحانه " فيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " فالامر هنا واضح يمسك الله عز وجل بالروح ان تعود للنفس التي قضى عليها الموت ويرسل سبحانه الروح الى النفس النائمه التي لم يقضي عليها بالموت " وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا " , إذن فهنالك مخلوقان منفصلان في الخلق وهما : " النفس " و " الروح " وهما ليسا شيء واحد كما جاء به ابن تيميه وغيره , فالروح من أمر الله سبحانه : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء - ايه 85]. والنفس هي من تموت وتحاسب وتعذب.

 

ثانيا : إن ما جاءت به الاحاديث النبويه الشريفه في قوله عليه وعلى آله الصلاه السلام: « إن الروح إذا قبض تبعه البصر ». وقوله عليه السلام: « فذلك حين يتبع بصره نفسه » تؤكد ان النفس كمخلوق منفصله عن الروح كمخلوق  وهما ليسا شيء واحد, فقوله عليه السلام " إن الروح اذا قبض تبعه البصر" حيث يبين هذا الحديث الشريف حقيقتان: الاولى ان الروح لم تمت بل قبضت لكي لا تعود للنفس, والحقيقه الثانيه ان البصر سيتبع الروح التي سوف تبقى قريبه من نفس الجسد لحين حساب القبر فالنفس هي من سيعذب وليس الجسد المادي الذي نزعت منه الروح وبما ان النفس كما قلنا سابقا هي المحرك المتحكم بالعواطف والانفعالات والسكينه والحب والتخيل والفعل والتفاعل , فالبصر هنا يخص فعل النفس وليس الجسد الميت وهو ما بينه الحديث الشريف : " فذلك حين يتبع بصره نفسه "  لذا فان النفس ليست هي الرو ح وكل له امره.

 

ثالثا: جاء في تفسير ابن تيميه رحمه الله واصفا النفس والروح بانهما شيء واحد : " بان هذا الشيء لا يموت ولا يفنى وهو ممّا له أول وليس له آخر " فاذا كان الامر كما يقول ابن تيميه فكيف يتوفى الله عز وجل الانفس ؟ ويميت الانفس بان يمسك الروح ان ترجع اليها ؟ ... انه اجتهاد غير موفق وغير مقبول فالروح من امر الله سبحانه ولييست قابله للتأويل بغير ما أعلمنا الله عز وجل عنها .

بلفظه النفس, والاصح ما جاء في الحديث الثاني ان المخاطب هي النفس وليس للروح علاقه بهذا الحدث " مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطَّيِّبِ " , فلا يمكن وصف الروح بالخبيثه لانها من اثره سبحانه وهي من امره جلت قدرته, وهذا التضارب يعزى في نظري الى الخلط ما بين مفهوم النفس ومفهوم الروح عند ناقلي الحديث وهو نفس اللبس الذي وقع به أغلب المفسرين اثابهم الله , بان جعلوا الروح هي النفس هو فهم خاطيء, فلو تمعنا قوله سبحانه وتعالى" اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [الزمر - ايه 42] , يتبين لنا ان حدث الوفاه يخص النفس بقول سبحانه " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا " فوفاه النفس يكون بمنع الله جلت قدرته الروح من العوده الى تلك النفس كقوله سبحانه " فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ" اي يمسك روح النفس التي قضى عليها بالموت.

 

 

فعند حدث الموت تنزع الروح من النفس وتعود الى بارئها عز وجل كقوله سبحانه " فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ " . فالروح مصيرها لله لانها من امره سبحانه وتعالى,  كما ان الحساب يتم بالنفس وليس بالروح كقوله سبحان وتعالى" وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ " [ق - ايه 21], فالروح تمنح النفس حياتها لكي تحس وتشعر وتتفاعل بما حولها, والنفس تستخدم كتله البدن او طيف البدن كوعاء تمارس من خلاله الفعل والتفاعل في العالم المادي (السماء الدنيا).  

تعذب او تنعم, بل ان ما قد يفهم من هذا القول الاشاره الى اماكن تواجد هذه الارواح بعد موت النفوس بسؤاله الله عز وجل ان يكون بصحبه الرفيق الاعلى, وقد تسافر الروح كيفما تشاء بقدرته سبحانه أو تستقر في مستقرها كما يشاء سبحانه, فعندما يكون الميت ذو نفس طيبه نتيجه لعمله فتطوف روحه في الجنان متصله بالنفس لِتُري تلك النفس في لحدها او في البرزخ ما انعم الله به عليها, اما الكافر ذو النفس الخبيثه نتيجه لكفره وفسوقه فتطوف روحه في سجين لِتُري نفسه في لحدها او في البرزخ العذاب الذي تستحقه على عملها وفسوقها وكما بينه سبحانه وتعالى في محكم آياته: " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر - ايه 46], حيث ان النفس بعد موتها وفناء الجسد المادي تُرَدُ الروح اليها عند سؤال القبر وعند استقراها في حياه البرزخ , وتعود الروح للجسد من خلال النفس يوم القيامه وبعد حساب النفس كما جاء في قوله سبحان وتعالى" وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ " [ق - ايه 21] .     

 

فاقحام الروح بالجدل الفقهي من غيرعلم  غير مقبول, لان الله عز وجل قد حسم الامر مسبقا بقوله سبحانه " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء - ايه 85].

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page