top of page

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ " [الرعد:آيه 2], تبين هذه الآيه الكريمه جمله من الحقائق والمعجزات الكونيه واللتي لا تزال في اغلبها غير مكتمله الفهم والادراك عند اغلب علماء الفيزياء وعلوم الكون وحتى يومنا هذا, وتتمثل تلك الحقائق والآيات التي اتت بها هذه الآيه الكريمه بما يلي:

" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ " [الرعد:آيه 2]

دعائم واعمده السماء 

ابتدأت هذه الايه الكريمه بقوله عز وجل " اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا " وهي اشاره الى وجود قوى مستترة تعمل كعمل الاعمده والروابط (*) (الجسور) في مباني البشر‏, وهذه القوى المستتره عباره عن أوجه متعددة لقوة عظمى واحدة نشأت عن "الباديء" طبقا لنظريه "الكينونه",  والتي تمايزت بعد ذلك الى اربع قوى رئيسيه بعد حدث الانفجار العظيم , الاولى: القوة النووية الشديدة, والثانيه: القوة النووية الضعيفة, والثالثه: القوة الكهربائية المغناطيسية‏ (‏الكهرومغناطيسية‏), والرابعه: قوة الجاذبية‏‏ والتي تربطها جميعا علاقه مترابطه, وجميع هذه القوى المستتره تعتبرالدعائم الخفية التي ‏تحكم بناء الكون بمجمل ما فيه من ماده مرئيه على اختلاف صورها, بدأ من اللبنات الأولية للمادة والمتمثله بما يسمى بالكواركات (**)  المترابطه فيما بينها بروابط شديده القوه (الجولونات) لتخليق الجسيمات الدون ذريه والمسماه "بالهادرونات" والتي نشأ عنها البروتونات والنيوترونات التي تشكل معظم الجزء الداخلي للمادة بجميع صورها (ذرات الماده) في الكون المدرك,  والتي تتمثل فيها هذه القوة النووية الشديدة كعمد لا نراها تربط ما في الكون من جسيمات الماده ومكوناتها برباط محكم يمنع تلك المكونات من الانهيار على نفسها نتيجه للتجاذب ما بين مكونات ذراتها (الاليكترون السالب والبروتون الموجب) .

 

(*)          العمود في اللغه : ما يقوم عليه البيت أو غيره. ولكي يحمل هذا العمود سقف البيت فلا بد من ان يرتكز هذا السقف على اعمده افقيه (الجسور) والتي بدورها ترتكز على الاعمده الرئسيه القائمه والتي عليها ان ترتكز على سطح صلب يستطيع تحمل وزن سقف بناء البيت لكي لا تغور في الارض ويسقط البناء. 

(**)         الكوارك فيزيائيا: الكوارك هو جسيم أولي وأحد المكونين الأساسيين للمادة في نظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات (المكون الآخر حسب هذه النظرية هو الليبتونات) لها كتلة ولكن أبعادها صفرية، تتم مشاهدتها عند حدوث تصادم شديد بين البروتون والإلكترون. وقد أطلق موري جيلمان هذا الاسم على الكوارك. وللكواركات جسيمات مضادة مثل بقية الجسيمات الأولية تدعى "كواركات مضادة"، حيث تتميز الكواركات و الكواركات المضادة بأنها الجسيمات الوحيدة التي تتأثر مع بعضها باستخدام القوى الأربع الرئيسة الموجودة في الطبيعة. تشكل الكواركات معظم الجزء الداخلي للمادة، وهي مترابطة مع بعضها بقوى شديدة بواسطه "الروابط " (الجولونات). 

ومن الصور الاخرى للعمد المستتره في بناء هذا الكون المعجز, هي قوى الجاذبيه والتي تتمايز عن غيرها من القوى المستتره في الكون بانها تعتبر وعلى المدى القصير أضعف القوى المعروفة لنا‏,‏ وتساوي (‏10‏- 39%)‏ من القوة النووية الشديدة‏,‏ ولكنها وعلى المدى الطويل تعتبر القوة العظمى في الكون‏,‏ نظرًا لطبيعتها التراكمية مما يمنحها مجالا لا نهائيا ، فهي المسئوله اضافه الى الطاقه والماده المظلمه عن تماسك كافة تجمعات ألاجرام في الكون كالنجوم والكواكب والمجرات وعناقيدها... وما الى ذلك,  في مساراتها ومواقعها نسبه الى الاحداثيات الزمكانيه في الكون المدرك كبناء متفاعل مع كل مكوناته, وهو ما دلت عليه الآيه الكريمه  بقوله سبحانه وتعالى" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ", رافعه ماده الكون كالمجرات وعناقيدها والنجوم والكواكب وما الى ذلك, عند احداثياتها الزمكانيه التي تكون عليها تبعا للراصد على الارض او عند اي نقطه رصد أخرى في السماء الدنيا.

 

كذلك تلعب القوة الكهربائية المغناطيسية‏ (‏الكهرومغناطيسية‏) كقوه لديها مجالا لا نهائيا ايضا,  لكنها أقوى بعدة مرات من الجاذبية وهي نتاج تبادل الجسيمات الحاملة للقوة التي تنتمي كغيرها من القوى القويه, إلى عائله أوسع تسمى "البوزونات" والتي تتألف من جسيمات تخص كل قوه من القوى الاساسيه, فالفوتون كفرد من عائله البوزونات هو المسئول عن القوه الكهرومغناطيسيه في الكون المدرك, ومن صور هذه القوه, الكهرباء والمغناطيسية والضوء وبعض أنواع النشاط الإشعاعي, وكلها مظاهر قوة كامنة واحدة تسمى، بشكل لا يثير الدهشة، القوة الكهربائية الضعيفة والتي تلعب بمجملها دورا هاما في نمذجه الماده والطاقه في الكون المدرك والغير المدرك وتأثر على التفاعل والتوازن بين مكونات الماده في الكون.

" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا "

اضافه الى هذه القوى التي تعمل عمل الاعمده المستتره هنالك قوه اساسيه خامسه تلعب دورا رئيسيا في رفع ماده الكون وثباتها الزمكاني فيه الا وهي "الطاقه المظلمه" (*) فتبعا "للكينونه" فان هذه القوه الخامسه والتي تمثل حوالي 72% من الماده والطاقه في الكون المدرك وهي من الاهميه بمكان لعمليه تنمذج شبكه النسيج الكوني الذي يربط مكونات كل سماء بعضها ببعض, اضافه الى دورها في ربط السموات السبع بعضها ببعض عندما تمايزت السماء التي حدث عندها الانفجار العظيم, الى سبع سماوات طباقا.

 

 حيث ان هذه القوه للطاقه المظلمه تبعا "للكينونه" تتمايز عن غيرها من القوى الاربعه الاساسيه التي تحكم الماده في الكون ومنها قوه الجاذبيه, بكون الطاقه المظلمه تحمل وفي نفس الوقت خاصيه قوى الجاذبيه السالبه التأثير وقوى الجاذبيه موجبه التأثير, حيث انها تتفاعل مع الماده العاديه (الموجبه) في الكون المدرك كقوه جاذبيه سالبه التأثير (قوة طاردة) مما ينتج عنه دفع الكون المدرك للتوسع والى تباعد المجرات بعضها عن بعض, وتتفاعل مع الماده (الكتله) السالبه في الكون كقوه جاذبه موجبه التأثير كما هو عليه الحال في الثقوب السوداء. 

(*)         في علم الكون، الطاقة المظلمة هي أحد الأشكال الافتراضية للطاقة التي تملأ الفضاء الكوني والتي تملك ضغطاً سالبا, وفق النسبية العامة، تأثير مثل هذا الضغط السالب يكون مشابها كيفيا لقوة معاكسة للجاذبية في المقاييس الكبيرة, افتراض مثل هذا التأثير هو الأكثر شعبية حالا لتفسير تمدد الكون بمعدل متسارع، كما فسيرا معقولا لجزء من المادة المفقودة missing mass في الكون المدرك.

محاكاه بالحاسوب للطاقه والماده المظلمه

في الكون المدرك 

ولولا هذا القوى (العمد المستتر)، الذي أودعها الله‏‏ في هذا الكون، وفي أجرام السماء ما كانت الأرض، ولا كانت السماء, ولو زالت هذه القوى أو اختلت، لانفرط عقد ما في هذا الكون من موجودات مخلوقه، وانهار بناءه‏,  فسبحان الله القائل في كتابه العزيز: " خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ  " [لقمان:آيه 10] , وقوله سبحانه وتعالى" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا "

" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ " [الرعد:آيه 2]

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page