تمهيــــــــد: هنالك نوعان من القرين الذي يقرن بهما بني آدم , الاول هو الشيطان وكما جاء في قول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:" وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ")[الزّخرف: آيه 36-39], حيث تبين لنا هذه الايات الكريمات اربعه امور رئيسيه: الامر الاول: أن القرين هنا هو من جنس الشياطين , والامر الثاني: ان الله عز وجل قد قيّض (بمعنى قدّر وهيئ) لكل مخلوق من بني آدم قرينا من الشياطين, والامر الثالث: ان وظيفه هذا القرين هي الغوايه والصد عن ذكر الله والصد عن سبيله, والامر الرابع: انه ليس لهذا القرين اي سلطان على الانسان كما بينه لنا عز وجل في كتابه الكريم: " وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [ابراهيم: آيه 22], فهذا الشيطان القرين الذي يُوَسْوِس ليس له على الإنسان سلطان إطلاقًا ! إلا أنَّه يُوَسْوِس، فإن لم يسْتجب له الانسان المقرون به ارْتقى هذا الإنسان الى مصاف الصالحين، وإن استجاب لهذا القرين فهذا الامر يكون من اختيار ذلك الإنسان، فالشيطان يُحَرِّك الإنسان بالوسوسه لفعل المعصيه ولا يجبره عليها وهو اشد تأثيرا على من يُعرض عن ذكر الله " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ " , اما النوع الثاني من القرين, فهو الملاك القرين وكما جاء في الحديث النبوي الشريف: " روي احمد في مسنده ومسـلم في صحيحه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم" ما منكم من احد الا وكل به قرين من الجن وقرين من الملائكة ، قالوا : واياك يا رسول الله قال : واياي ولكن الله اعانني عليه فاسلم ولم يامرني الا بخـير" وهذا الملاك القرين يساعد بني آدم على اتقاء وسوسه الشيطان القرين وكما جاء في الحديث الشريف: " قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: " فإذا هممت بطاعةٍ فتلك لمّة المَلَك ( القرين )، وإذا هممت بمعصيةٍ فهي من إيحاء الشّيطان ( القرين) وكلاهما بإذن الله " .
فالقرين طبقا لنظريه " الكينونه " قد يأخذ صوره موجه طاقه في فراغ أثيري موازي للجسم أو الجسيم المادي المقترن به او المتجاذب معه ولا يمكن قياسهما معا كحدث واحد لكون ان كلا منهما مخلوق قائم بذاته , أي انه من الممكن قياس الجسم المادي بمعزل عن الجسم الاثيري لقرينه ومن الممكن اذا ما توفرت الامكانات التقنيه مستقبلا قياس التأثير الموجي للقرين أو قياس موجته الطاقيه بمعزل عن الجسم الاثيري له.
(*) " القرين " في اللغه : المقارن ، والصاحب ، والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه ، " نيل الأوطار " , القرين في الاسلام : هو مخلوق طيفي لايمكن رؤيته تبعا لقوانين الفيزياء الماديه, وهو من كفرة الجن و الشياطين يوكل بالإنسان من ساعة مولده وحتى وفاته حيث يخرج من جسد الإنسان , وعمله ان يوسوس للانسان بفعل الشر والغواية وترك الخير , وأن له قدرات خاصة به كقدرته على سرعة الحركة مثلاً كقولهI :"قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ" [النمل- ايه 39], اسلاميا لا يصح أن نبالغ في قدرات القرين، فهو لا يقدر على إلحاق الضرر بالإنسان إلا بإذن الله عز وجل، كما أنه لا سلطان له على عباد الله الصالحين كقوله I :"وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً" [الاسراء- ايه 64- 65], وله تسلط على الناس الضالين الغاوين كقوله I:" إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ" [النحل- ايه 99- 100], ويمكن للمسلم أن يحارب الشيطان والقرين أيضا بحيث يسلم من وسوسته واغوائه وأن ينتصر عليه إذا تمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واستعاذ بالله سبحانه وتعالى منه.
(**) التخاطر هي قدرة عقل الشخص ما على الاتصال بعقل شخص اخر دون وجود وسط فيزيائي ، ولا يعرف احد كيف يتم هذا الاتصال او ماهية الطاقات او طريقة العمل الداخلة فيه بمعنى اننا نعرف هذه الحقائق من خلال ظهور نتائجها وحدوثها في الخارج اما الاستراتيجيات الخاصة لها فلربما من الصعوبة بمكان ان نحددها في عناصر او طرق لا نقاش فيها, وقد ذكر هارولد شيرمان في كتابه (افكار عبر الفضاء ) وكتابه (الادراك الحسي الزائد) ان الجواب عن كيفية حدوث التخاطر: لربما يكون تفسيره هو النشاط الكهربي للعقل ،وهذا يتضمن وجود مجال كهرطيسي يصنع بطريقة ما بواسطة الشخصية المسيطرة والتي تولد مثلما تستقبل أشكالا أو نبضات مشحونة بالكهرباء, ولقد كشف العلم الحديث عن طريق جهاز المخ الكهربائي أن التيارات الكهربية في المخ يمكن تسجيلها وقياسها ،وقد لوحظ أن الاضرابات الذهنية والعاطفية تسبب عواصف تيارية داخل المخ عاكسة التهيج الذي حدث في الشعور ونحن نعلم جميعا ان الاحساس الشديد والمركز يولد طاقة أكثر ويعمل على طرح الأفكار بشدة أكبر.
(***) بعد سنين من البحوث العلميه الموسعه, فلقد تم اكتشاف أن القلب يحتوي على نظام عصبي معقد خاص به, مما يمكنه من التصرف بشكل مستقل ويمكنه من التعلم والتذكر والإحساس, ويحتوي النظام العصبي للقلب على حوالي 40000 خلية عصبية, ويتواصل القلب مع الدماغ ويؤثر على الإدراك واتخاذ القرارات وعمليات أخرى, ويعمل النظام العصبي للقلب بشكل مستقل عن الدماغ وهذا هو سبب نجاح عمليات زرع القلب, في العادة يتواصل القلب مع الدماغ عبر ألياف عصبية والتي تمر عبر العصب التائه والحبل الشوكي, ولكن في عملية زراعة القلب هذه الوصلات العصبية لا تعمل إلا بعد فترة طويلة من الزمن, ويتمكن القلب المزروع من العمل في الجسم الذي زرع فيه باستخدام قدرة نظامه العصبي المستقل.

القرين
+
-
المجال التأثيري ألتفاعلي
الجسم المادي
الحيز التفاعلي التأثيري الموجب للجسم (الموجات الكهروبيولوجيه)
حيز المجال التأثيري السالب لموجه الطاقه للقرين
القرين الطيفي الخلق
رسم تخيلي يشرح مفهوم القرين عند البشر تبعا لنظريه "الكينونه"
تتنبأ نظريه " الكينونه " بان آليات التفاعل ما بين الجسم والقرين قد تكون تأثيريه وباتجاهين أحدهما تأثير موجي موجب القيمه والفعل خاص بالجسم (كرد فعل على التأثيرات الخارجيه الايجابيه التاثير كتأثير القرين الملاك مثلا ), والآخر تأثير موجي سالب القيمه والفعل خاص بالقرين الشيطان (ويعبر عنه بالوسوسه) , ويكون للجسم رد فعل اكبر في التأثير على قرينه في حال اكتسابه خصائص طيفيه تسمو بصفته الروحيه على حساب الصفه الماديه له, فالجسم البشري خليط من الماده والطاقه, فالماده فيه تتمثل بكل مكوناته من خلايا وعظام واعصاب ودم واغشيه...وما الى ذلك, والطاقه فيه تتمثل في الطاقه الحراريه و الكهربيه (الكهروبيولوجي) والموجيه (الكهرومغناطيسيه) بشقيها الموجب والسالب التأثير,اضافه الى الطاقه الذريه (كل ذره من مكونات بناء الجسم كالحديد في الدم مثلا ذو بناء ذري) ناهيك عن الطاقه الكامنه والمتمثله بالقوى المسماه بقوى "ما وراء الطبيعه" كالتخاطر (**) وظاهره استشفاف الاحداث المستقبليه عند حالات شاذه من حالات التفاعلات الطاقيه للجسم, وتندرج تلك الحالات تحت مسمى (باراسيكولوجي) (Para Psychology) أو.. (علم ما وراء النفس).
طبقا " للكينونه " فغالبا ما يكون التآثر والتفاعل الطيفي مابين الجسم ومحيطه الخارجي عبر آليات التفاعل الطاقي الموجي للجسم ككل, والذي قد يستخدم فيها القرين خاصيه ذلك التآثر الموجي كقنوات يعمل القرين بنوعيه (القرين الملاك, والقرين الشيطان) من خلالها بالتأثير على مراكز المهاد (Thalamus), والتي غالبا ما تنعكس على تفاعل العواطف الحسيه والروحيه والعقليه للجسم, حيث يقوم القرين ومن خلال تلك القنوات الموجيه بالتأثير والتآثر وايصال ما يريده من وسوسه الى الجسم , ومثال ذلك التآثر في الواقع العملي, عمليه التشويش على الاجهزه اللاسلكيه أو اجهزالرادار التي لا يتوفر فيها آليات حمايه (كجدار الحمايه في برامج الحاسوب) ضد هذا النوع من التشويش ... ففي حاله القرين اما ان يكون الجسم قابل للاختراق او ان يكون من الصعب اختراقه (لديه جدار حمايه والمتمثل في الطاقه الروحانيه الاضافيه المكتسبه على حساب ماده الجسم (كالوازع الديني مثلا), ففي الحاله الاولى يكون الجسم البشري غير محصن روحانيا أي ان منسوب الطاقه الروحانيه (الايمانيه) لديه

يكون ضعيفا وغير مجدي لمقاومه هذا النوع من الاختراق) وفي هذه الحاله من السهل على القرين التأثير على الجسم تأثير متفاوت تبعا لحاله هذا الجسم الطاقيه ومدى تقبل الجسم لذلك التأثير.ففي الحاله الثانيه يكون من الصعب على القرين اختراق طاقه الجسم نتيجه لتغير طبيعته الموجيه الناتجه عن ارتفاع قيمه الطول الموجي المتولد عن الجسم بتأثير التآثر الروحي, ولتفسير ذلك فان البيانات التي يتم تبادلها بين القرين والجسم تتم في المستوى دون الموجي (تردد عالى) وهو الطول الموجي الذي يمكن للدماغ البشري وجهازه العصبي من تخليقه.
ولكون القلب يعتبر مركز تفاعل العواطف الحسيه والروحيه والعقليه (***) كقوله سبحانه وتعالى" أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا " [الحج- ايه 46] , وكقوله سبحانه " يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للّهِ وَلِلرّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " [الأنفال - ايه 24] , وكما جاء في قوله عز وجل " وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [الأنفال - ايه 24] .
لذا فان زياده كم الطاقه الروحيه الناتجه عن الايمان بالخالق عز وجل والاخلاص في عبادته ستعزز نظام الحمايه ان صح التعبير ضد هذا التاثير الموجي للقرين, وسترفع من قيمه المحصله الطاقيه للجسم ككل ممثله بالطاقه الموجيه للدماغ اضافه الى الطاقه الموجيه الموجبه التأثير للقلب. ويمكن التغلّب على هذا القرين المؤذي للإنسان عن طريق التحصّن وقراءة القرآن، والمحافظة على أذكار الصّباح والمساء، وقراءة سورة البقرة كلّما تيسر فهي طاردة للشرّ وللسحر.
التخاطر عند البشر
أظهرت الابحاث أن القلب يرسل المعلومات إلى الدماغ وإلى الجسم عبر حقل كهرومغناطيسي ويولد القلب أقوى وأوسع حقل كهرومغناطيسي متوازن في الجسم وهو أقوى 500 مرة من حقل الدماغ ويمكن التقاطه اثره على بعد عدة أقدام من الجسم
القرين
" وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ(23) "
" الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ۞ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ۞ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ ۞ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ " [ق: آيه 25-29]
مواضيع ذات صله
أحيانًا تسْتحكم الشَّهوة في الإنسان فتَكون حِجابًا بينه وبين الله، فيأتي الشَّيطان فَيُوَسْوِس له، ويُزَيِّن له تلك الشَّهوة , فيقوم الانسان بارتكاب المعصيه ليس بسبب تلك الوسوسه ولكن بسبب ذلك الحجاب الذي بينه وبين الله والذي لم يمنع وسوسه ذالك الشيطان, فتأتي المصيبة بعد هذه الشَّهوة التي أفرغها الإنسان بِوَسْوسة الشيطان , فالشيطان له دَور بِوَسْوسَتِهِ وليس له دور في عمل تلك المعصيه ، فالذي يخضع لوسوسه الشيطان هذا يُصغي إلى شَهوته، ويفعل ما تُمليه عليه شَهوتُه تلك، و كما قال سبحانه وتعالى واصفا قول الشيطان في ذلك لهؤلاء المعرضون عن ذكر الله :" وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " فالاعراض عن ذكر الله ومخافته سبحانه يضعف آليات مقاومه الانسان لوسوسه قرينه ويزيد من تأثير التداخل والتآثر الموجي السالب القيمه ما بين الانسان وقرينه وهو الامر الذي يسمح للقرين بالاستمرار في تلك الوسوسه .
تتنوع وسوسه القرين وطبيعتها تبعا لمعرفه مسبقه من القرين لما توسوس به النفس لهذا الانسان, فعندما يرى الانسان مشهدا مخلا فيه معصيه للخالق مثلا توسوس عندها النفس لهذا الانسان كونها اماره بالسوء " وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *َأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا " , ونتيجه للتآثر الموجي ما بين القرين ونفس ذلك الانسان, يعلم القرين ما تُحدّث به تلك النفس فيعمل القرين عندها على استخام تلك الوسوسه وتكرارها مساعده لتلك النفس الاماره بالسوء وعندها فاما ان يكون الجسم قابل للاختراق بقبول تلك الوسوسه او ان يكون من الصعب اختراقه اي لديه من الطاقه الروحانيه الاضافيه المكتسبه على حساب ماده الجسم (كالوازع الديني مثلا), ففي الحاله الاولى يكون الجسم البشري غير محصن روحانيا أي ان منسوب الطاقه الروحانيه (الايمانيه) لديه يكون ضعيفا وغير مجدي لمقاومه هذا النوع من الاختراق, وفي هذه الحاله من السهل على القرين التأثير على الجسم الذي من السهل عليه عندها ارتكاب تلك المعصيه لانتفاء الوازع الديني لديه.
وهنا لنا ان نتسائل : اذا كانت المعصيه من فعل البشر, فلماذا يعذب الله سبحانه وتعالى القرين مع من قُرِن به من البشر؟ وكما بينه لنا عز وجل: " حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ " [الزّخرف: آيه 38-39], فللاجابه على هذا التسائل نود ان نبين اولا ان القرين وكما قلنا سابقا هو من شياطين الجن, فالشيطان عندما عصى امر ربه وطرد من رحمه الله, طلب من ربه عز وجل ان يمهله الى يوم القيامه وكما جاء في قوله عز وجل: " قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " [الحجر:آيه 40], وهذه الايه الكريمه تبين لنا الاسباب التي يستوجب من اجلها عذاب القرين من الشياطين وهي اولا حتميه ايقاع العذاب المؤجل بالشيطان نتيجه عصيانه لاوامر الله وحتى بدون ان يغوي احد من البشر, والثانيه وجوب عذاب هذا القرين نتيجه تبنيه لغوايه البشر اجمعين إلا عباد الله المخلصين, فالله عز وجل عندما منح الشيطان تلك المهله يعلم ان الشيطان سيقوم بغوايه خلقه من البشر المُخيّر تحقيقا للعدل الالهي فاما ان يكون هذا البشر شكورا واما كفورا, فمن عص الله باتباع وسوسه الشيطان فعليه اثمه ومن عص وسوسه هذا الشيطان واتبع سبيل الله فله اجره, فالغوايه من فعل الشيطان والغي والطغيان من فعل البشر ولا تبديل لكلام الله في ذلك وهو ما بينه لنا عز وجل بقوله سبحانه: " قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " [ق: آيه 27-29], والله اعلم واهدى.
تتنبأ نظريه " الكينونه " للمؤلف أن "القرين" (*) , كيان منفصل بذاته, يختلف عن "مضاد الماده ", كما انه يختلف عن " الطيف الاثيري" للماده, فلكل منهما صوره فيزيائيه مختلفه عن الآخر, فطبقا لمبدأ الزوجيه في الخلق, فكل شيء في الكون من ماده وطاقه وما نعلمه اولا نعلمه من خلق الله يخضع لمبدأ الزوجيه, كقوله سبحانه وتعالى " وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " [الذاريات - ايه 49] , وكقوله سبحانه " سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ " [يس- ايه 36] , حيث أن نظريه " الكينونه " تُعرّف القرين بانه كيان منفصل بذاته وهو صوره من صور الطيف, وله تآثرسلبي على الماده المقترن بها ويتفاعل معها ومن خلالها ولكن لا يمكن له ان يؤثر فيها أو عليها, وهو لا يخضع لقوانين الماده فيزيائيا وفي الغالب انه يخضع لقوانين بعض انواع الطاقه المخلوق منها كقول الشيطان في قوله سبحانه " قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " [ص- ايه 76] , ومن امثله القرين في المخلوقات, شياطين الجن الموكل بكل إنسان كما جاء في الحديث النبوي الشريف: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحدٍ إلا وقد وكِّل به قرينُه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلمُ، فلا يأمرني إلا بالخير" رواه مسلم... وكما جاء في قوله سبحانه " قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ " [ق- ايه 27]
موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

Email: mshahin@digimeters.com
الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او ا لنشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص
Last Update: April 2018
© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com