top of page

يقول الله سبحانه وتعالى في سوره "الكهف" : " أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا * نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى[الكهف: آيه 9-13] ,  وهذه الايات الكريمه من سوره الكهف نزلت على نبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله اجابه على سؤال مشركوا قريش للنبي بايعاز من يهود المدينه وكما جاء عن ابن عباس أن مشركي قريش ، بعثوا النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة ، وقالوا لهم : سلوهم عن محمد ، وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله ، فإنهم أهل الكتاب الأول ، وعندهم علم ما ليس عندنا . فقدما المدينة ، فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره ببعض قوله فقالت لهم أحبار اليهود :" سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل, سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ، ما كان من أمرهم ، فإنه كان لهم حديث عجب وسلوه عن رجل طوّاف بلغ مشارق الأرض ومغاربها وما كان نبؤه,وسلوه عن الروح ما هو" . فانزل الله عز وجل على نبيه الخاتم "سوره الكهف" والتي بين الله عز وجل فيها الاجابه على اسئله يهود ومنها قوله عز وجل في ما يختص الفتيه الذين ذهبوا في الدهر: " أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا " .... الى قوله سبحانه " قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا " [الكهف: آيه 26] ,  ومنها قوله سبحانه عن الرجل الطّواف الذي بلغ مشارق الارض ومغاربها: " وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ (11) ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا " [الكهف: آيه 83-90] ... الى قوله عز وجل: " قَالَ هَٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا " [الكهف: آيه 98]  اما ما جاء في سؤال اليهود الثالث عن الروح فلقد بينه تعالى لسيدنا محمد كما جاء في سوره الاسراء بقوله عز وجل: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء: آيه 85] .

 

أن قصه اصحاب الكهف هذه هي قصه معجزه تشهد لهذا القران بانه وحي من الله عز وجل, وتشهد بصدق رساله سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام, فسياق الايات الكريمه عن اصحاب الكهف قد بينت عدد من الاشارات نوضحها فيما يلي:

" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا * نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى " [الكهف: آيه 9-13]

 قصه اصحاب الكهف والرقيم

أولا: عدد الفتيه الذين لجأوا الى الكهف: ان عدد من كانوا بالكهف لا يعلمه إلا قليل من خلقه عز وجل وكما بينه لنا سبحانه بقوله: " سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا " [الكهف: آيه 22], حيث تبين لنا هذه الآيه الكريمه مدى التخبط الذي يعيشه اهل الكتاب في معرفه حقيقه عدد هؤلاء الفتيه, وسبب ذلك ان قصه اهل الكهف هذه لم تكن من ضمن اصحاحات كتبهم المقدسه ولم يذكرها انبيائهم ولان احداث هذه القصه قد جاءت بعد نزول التوراه بمئات السنين, اضافه الى ان الاناجيل لم تذكر ايه اشاره اليها. (**) , ونرى ان السبب في ذكر عده روايات عن عددهم في هذه الآيه الكريمه هو ان البعض قد قال فعلا انهم كانوا ثلاثه والبعض الآخر قال انهم كانوا خمسه اضافه الى كلبهم, وهذه الاقوال قد حدثت بعد زمن من موت هؤلاء الفتيه وفي عصور لاحقه مصداقا لقوله سبحانه : " رَجْمًا بِالْغَيْبِ " اما ما تلى " الرجم بالغيب " فهو قول بعضهم انهم كانو سبعه وثامنهم كلبهم وقد يكون هذا العدد هو الاقرب للحقيقه من مجمل تلك الاحتمالات " قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ".

 

ثانيا: ديانه اهل الكهف: لقد بين لنا سبحانه وتعالى ان هؤلاء الفتيه كانوا يؤمنوا بالله الواحد الاحد كما كان يبشر به السيد المسيح ورفضوا ما كان عليه قومهم من ضلال وشرك بالله , والمرجح لدى اغلب الباحثين  بان هؤلاء الفتيه قد يكونوا احدى فئتين:

 

الفئه الاولى : انهم قد يكونوا من اليهود النصارى الموحدون اتباع المسيح الاوائل, حيث ان من الملاحظ ان الله عز وجل قد مهد لقصه اهل الكهف بما سبقه من آيات وكما جاء بقوله سبحانه: " وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا " [الكهف: آيه 4-5],  وهذه الايات ترشدنا الى امرين: الاول, ان اهل الكهف هم من النصارى الموحدون, والامر الثاني: انهم قد هجروا قومهم بسبب شركهم بالله بالقول ان المسيح ابن الله, وهم قد لجؤا الى كهفهم خوفا على دينهم وايمانهم وهربا من القتل الذي عانى منه المسيحيون من نصارى المسيح عليه السلام على يد قومهم من اليهود وكهنه الهيكل, وعلى يد الإمبراطور الروماني " تراجان "  (***) الذي حكم بين 98 إلى 117م . حيث تدل أسفار التاريخ أن هذا الطاغية كان أول إمبراطور يعلن أن المسيحية ديانة محرمة , وكان يسجد للأوثان ويقضي بالموت على كل من يرفض عبادة آلهته ثم أصدر مرسوماً بذلك, وكان المؤمنون الاوائل من اتباع المسيح في زمن حكمه يُلاحقون ويقتلون نتيجه لايمانهم بوحدانيه الله وعدم السجود لوثن وكما جاء به السيد المسيح: " أسمع يا أسرائيل , أن الرب الهنا هو رب واحد "  (تث : 6-4). وكما كان يبشر به المسيح قبل ان يحرفه بولس مدّعي الرساله: " للرب إلـهك تسجد و إياه وحده تعبد"  (متى: 4 / 8 ـ10) 

 

الفئه الثانيه: انهم قد يكونوا من اليهود الاسينيون (*) المؤمنين الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام بشرًا رسولا ومنذ ان ظهر عليه السلام برسالته مما ادى الى اضطهاد كهنه اليهوديه لهم ، فضايقوهم وعذبوهم وقتلوا منهم وممن آمن بما جاء به عيسى ألآلاف كما بينته لنا الاناجيل عن تلك الاحداث في ذلك الزمن  : "أَمَّا شَاوُلُ (بولص مدعي الرساله) فَكَانَ لَمْ يَزَلْ يَنْفُثُ تَھَدُّدًا وَقَتْلاً عَلَى تَلاَمِيذِ الرَّبِّ، فَتَقَدَّمَ إِلَى رَئِيسِ الْكَھَنَةِ وَطَلَبَ مِنْه رَسَائِلَ إِلَى دِمَشْقَ، إِلَى الْجَمَاعَاتِ، حَتَّى إِذَا وَجَدَ أُنَاسًا مِنَ الطَّرِيقِ، رِجَالاً أَوْ نِسَاءً، يَسُوقُھُمْ مُوثَقِينَ إِلَى أُورُشَلِيم" (اعمال 9: 1) , ويعتبر "استيفانوس" (احد الرسل السبعين) وأول شهيد في المسيحية (35م بعد رفع المسيح بزمن قليل) من طائفه هؤلاء الاسينيون, وقام الكهنه بتحريض الملك " هيرودس أغريباس الأول " عليهم وهو الذي كان شديد العداء للمسيحيين من اتباع المسيح ولقد حكم باسم روما اغلب اجزاء فلسطين اضافه الى شرق الاردن من 41 م الى 44 م , فهرب هؤلاء الفتيه بعيدا عن مساكنهم في " قمران" الى كهف يعرفونه جيدا مصداقا لقوله تعالى: " إِذ أَوَى الفِتيَةُ إِلَى الكَهفِ " , فكلمه "الكهف" تفيد الى كهف معين معروف لهم, ويقع هذا الكهف شرقا عن مساكنهم في وادي قمران, قرب قريه "الرقيم" (1)  النبطيه (الرجيب) وكان ذلك مابين 35-42م طبقا لاحدث الدراسات,  فاقاموا فيه وناموا لمده 300 سنة بالتقويم الشمسي الآسيني التي تساوي 309 سنة بالتقويم الهجري.

ثم استيقظوا من نومهم  في عهد الإمبراطور الروماني "
قسطنطين الكبير" (حوالي 285-337 م) (2),  و ذهب أحدهم متسللا بأمر المباقر (رئيسهم الاكبر سنا) إلى المدينة ليشتري لهم طعاما,  وعندما أتى هذا الفتى الى تلك المدينه استهجن اهلها شكله وارتعبوا منه : " لَوِ اطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرارًا وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعبًا " ولما هدئت سكينتهم وعرفوا هذا الفتى من النقود التي كان يحملها (الوَرِق الفضيه) , وتعرفوا على بقيه الفتيه , انقسم عندها اهل تلك المدينه في امر هؤلاء الفتيه , فمنهم من قال انهم رجال صالحون ومنهم من خالف هذا الرأي, وفي اعتقادي ان اتباع المسيح الموحدون من اهل تلك المدينه قد تأكدوا من قصه هؤلاء الفتيه وقصه هروبهم من اضطهاد قومهم وبان هؤلاء الفتية قد استيقظوا من رقاد طويل كمعجزه من الله سبحانه ليثبت بها لليهود الذين لا يؤمنوا بالبعث ان هنالك بعثا ونشور , وهو الامر الذي جعل الصالحون من اهل تلك القريه تقبل قصتهم وقاموا ببناء مسجد (معبد) عليهم عند موتهم وكما جاء بقوله عز وجل: " وَكَذلِكَ أَعثَرنا عَلَيهِم لِيَعلَموا أَنَّ وَعدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَأَنَّ السّاعَةَ لا رَيبَ فيها إِذ يَتَنازَعونَ بَينَهُم أَمرَهُم فَقالُوا ابنوا عَلَيهِم بُنيانًا رَبُّهُم أَعلَمُ بِهِم قالَ الَّذينَ غَلَبوا عَلى أَمرِهِم لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِم مَسجِدًا " [الكهف: آيه 21] , وفي رايي المتواضع والله اعلم ان الفئه الثانيه هي الاقرب للصحه للاسباب التاليه:

 

  1. أن طائفه "الاسينيون" هم بالاساس طائفه اعتزلت قومها من اليهود ومنذ قرون لعدم رضاهم عن سلوك الكهنه وفساد عقيدتهم, وخلافا للكهنه كانت هذه الطائفه تؤمن بالبعث و الحساب موحدين لله ولا يشبهون الله باحد من خلقه, وكانوا يغارون على العقيدة السليمة فلم يبدلوها بمعتقدات فاسدة ومحرفه (دائره المعارف البريطانيه).

  2. كان من عقائد هذه الطائفه الايمان "بالمسيح المنتظر"، و بالفعل عندما جاء المسيح عليه السلام آمنت طائفه منهم به و صدقوه , في الوقت الذي كفر به اغلب قومهم من يهود اورشليم وحاربوه وحاربوا من آمن به .

  3. كان هروبهم المرجح  (حوالي 35-41م ) وبعد قصه صلب المسيح المزعومه والذي نتج عنها استفحال اذيه الكهنه اليهود للمؤمنين بالمسيح و بتشجيع من الملك هيرودس أغريباس.

  4. كان استيقاظهم في عهد "الامبراطور الروماني قسطنطين الكبير"  النصراني الموحد والذي تم عماده على يد الأسقف الأريوسي "يوسابيوس النيقوميدي" (3), وحين استيقظ هؤلاء الفتيه كانت النصرانيه التوحيديه لا تزال منتشره ومؤثره ولم تكن المسيحيه البوليصيه (نسبه الى بولص مخترع المسيحيه) ذات سيطره وخصوصا قبل وبعد مؤمتمر "نيقيه" سنه 325م عندما تغلب الفكر التوحيدي على اباطيل بولص وتحريفه للايمان المسيحي الحق.

(1)             " الرقيم" كلمه آراميه تعني العنوان او الرساله (الخطاب) وهي تعطي نفس المعنى في اللغه العبريه " כתובת " وتلفظ "ركيم" . 

(2)             الإمبراطور قسطنطين الكبير (حوالي 285-337 م) وأمه هيلانة الملكة، ينظر إليهما كشخصين بارين قاما بدورٍ عظيم في تاريخ الكنيسة الأولى. مع أنه لم ينل العماد إلا في السنة الأخيرة من حياته على يدي الأسقف الأريوسي يوسابيوس النيقوميدي إلا أنه يتحدث عن نفسه كمسيحي غيور، جعل من المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية، وأمر بحفظ يوم الأحد، وصادر المعابد الوثنية وحوّل الكثير منها إلى كنائس، وعفا رجال الدين المسيحي من الضرائب، كما تدخّل في المشاكل الكنسية. وهو الذي دعا إلى عقد أول مجمع مسكوني في العالم في نيقية عام 325 م.

(3)            يوسابيوس النيقوميدي اسقف نيقوميديا القسطنطينيه، كان اسقف بيروتاس في فينيقيا، ثم نيقوميديا، واخيرا القسطنطينيه من 338 حتى وفاته 341. كان يوسابيوس النيقوميدي من اتباع المسيح الأريوسيون الذين كانوا موحدين على عكس اتباع بولص القائلين بالوهية المسيح,  وكان يرأس طائفه الاريسيون في البدء يوسابيوس النيقوميدى (فيما بعد أوسابيوس القسطنطينى). وهذه الطائفه كغيرها الكثير من الطوائف الموحده كالأريوسية قد رفضت القبول والقول بالوهية المسيح حيث انهم قد اعتبروا ان المسيح هو بشر نبي لله وليس ابن الله .

(*)           اعتزل الاثينيون (الاسينيون) وهم طائفه يهوديه قومهم وسكنوا مغاور قمران شمال غرب البحر الميت في فلسطين وذلك في بدايه اواسط القرن الثاني قبل الميلاد خلال حكم  جون هيركانوس الثاني,  وفي 31 قبل الميلاد، في عهد هيرودس حدث  زلزال كبير في المنطقة مما جعل ابناء تلك الطائفه الى التخلي عن الموقع. وبعد حوالي ربع قرن في وقت لاحق وخلال فترة حكم هيرودس أرخيلاوس (4-6 قبل الميلاد)، عاد الاثينيون إلى كهوف قمران وإعادواة ترميمها مجددا. في 68 م، وأثناء التمرد اليهودي الكبير (تمرد بار كوخبا (132-135 م)، غزا الرومان منطقه قمران وفرقوا ابناء تلك الطائفة. واقاموا حامية رومانية هناك, ويعتبر الآسينِيُّون : أشد الطوائف اليهودية غموضًا ، يؤمنون بالبعث و الحساب موحدين لله لا يشبهون الله بخلقه . كانوا يغارون على العقيدة السليمة فلم يبدلوها بمعتقدات فاسدة ، وكانوا يقيمون التوراة متمسكين بها. كانوا زاهدين جدًّا و هم الذين تنسب لهم مخطوطات قمران وكان من عقائدهم انتظار المسيح ، و بالفعل عندما جاء المسيح عليه السلام آمنوا به و صدقوه.

(**)        أول ما وردت القصة في المصادر المسيحية كانت في عظات الأسقف السوري " جيمس الساروجي" المولود عام 452 م بعد وفاة ثيودوسيوس الاصغر بسنتين , ومات في عام 520 م وكانعمره حوالي 68 سنة . وتروي القصه ان نوم الفتية كان في عهده "ديكيوس" الذي حكم من 249م - 251 م وكان الاستيقاظ في زمن " ثيودوس الأصغر (الثاني), الذي امتد حكمه من 408م - 450 م اي ان فتره نوم هؤلاء الفتيه كانت لا تزيد عن 200 عام خلافا ما جاء به القران الكريم. كما ورد ذكر قصة أهل الكهف في الديانة المسيحية (السنكسار القبطي ) باسم (الفتيان السبعة القديسين الذين من أفسس)، وبحسب الرواية كان الفتيان السبعة من أتباع الديانة المسيحية واستشهدوا محبوسين في الكهف بأمر الملك ديقيانوس في القرن الثالث الميلادي عام 252م (هربا من الوثنية), وتم العثور عليهم في عهد الملك ثاؤذوسيوس الصغير ( سنة 450 م ) وجدت سيرتهم على لوح نحاسى داخل الكهف وعلم انه مضى على وجودهم هناك 309 سنة، ويلقبون في الديانة المسيحية باسم النوّامة السبعة؛ بالإنجليزية (Seven Sleepers).واسماؤهم هي(مكسيموس، مالخوس، مرتينيانوس، ديوناسيوس، يوحنا، سرابيون، قسطنطين).

ملاحظه: تبعا لسياق قصه اهل الكهف في روايه " الفتيان السبعة القديسين الذين من أفسس" بان الفتيه قد حبسوا في كهفهم في عهد ديقيانوس (252م) وتم العثور عليهم في عهد الملك ثاؤذوسيوس (450م) اي ان مده مكوثهم في الكهف تكون 198 سنه وليس 309 سنين كما تشير اليه تلك القصه المسجله على لوح نحاسي داخل الكهف, فهذا التضارب يشكك في روايه السنكسار القبطي لها, اضافه الى ان نفس القصه المذكوره في المراجع المسيحيه هي في الواقع مقتبسه من التراث اليوناني القديم حيث ان " ارسطو " قد اشار اليها بنفس صيغتها المسيحيه في كتابه "الفيزياء" وذلك في القرن الرابع قبل الميلاد.

(***)        الإمبراطور تراجان وهو ماركوس أليبيوس نيرفا تراينوس أغسطس ( 18 سبتمبر 53 – 9 أغسطس 117) ثاني الأباطرة الأنطونيين الرومان, وكان تراجان أول إمبراطور روماني يعلن أن المسيحية ديانة محرمة، لانها تخالف ما يدين به الرومان من عباده للاوثان المتمثله بآلهه الرومان مثل "جيوبتر" , و "مارس" و "جونو" ...الخ.  ولكي يضع حدا لانتشار دين التوحيد هذا (بدايه المسيحية)، حكم على كثيرين من المسيحيون الاوائل الموحدون بالموت، وأرسل بعضا آخر منهم إلى المحكمة الإمبراطورية بروما منزلا بهم اشد العقاب. وتظهر روحه العدائية تجاه المسيحيين من رسالة له ردًا على رسالة أرسلها له بليني حاكم ولاية بيثينية بآسيا الصغرى بين سنتي (109-111) كان بليني هذا يرى المسيحية خرافة دنيئة متطرفة، وبالجهد يتحدث عن إقبال الجماهير عليها. لقد أرسل للإمبراطور تراجان يخبره بأن هذه الخرافة تزداد انتشارًا باستمرار – ليس فقط في مدن آسيا بل حتى في قراها أيضًا... وأنه أصبح له سلطان على الناس من كل سن ومركز وجنس حتى المعابد الوثنية هجرت، وكسدت تجارة الأشياء التي تقدم قرابين للآلهة. ولكي يضع حدًا لهذا الانتشار المضطرد، حكم على كثير من المسيحيين بالموت، وأرسل بعضًا آخر ممن كانوا يتمتعون بحقوق المواطنة الرومانية إلي المحكمة الإمبراطورية بروما. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). لكنه سأل الإمبراطور مزيدًا من التعليمات بخصوص طريقة معاملة المسيحيين وهل يراعي كبر السن، أم يعتبر مجدر حمل اسم (مسيحي) جريمة.

وقد أجاب تراجان على هذه الاستفسارات برسالة جاء فيها (لقد سلكت يا صديقي الطريق السوي فيما يختص بالمسيحيين، لذا لا يمكن وضع قاعدة عامة تطبق على كل الحالات في هذا الصدد. لا ينبغي السعي في طلبهم، لكن إذا أشتكي عليهم أحد وجدوا مذنبين فلابد من معاقبتهم. ومع ذلك. فإذا أنكر أحد أنه مسيحي وبرهن على ذلك عمليًا بالتضحية لآلهتنا فليصفح عنه بنًاء على توبته...) وبناء على قرار الدولة هذا تعرض المسيحيين لاضطهادات عنيفة. وقد أصاب سوريا وفلسطين ومصر على وجه الخصوص الكثير منها., فلقد وجه اليهود المتعصبون اتهامًا لسمعان الحواري, وحكم عليه بالموت صلبًا سنة 107، وهو في سن المائة والعشرين. وفي نفس هذه السنة تقريبًا حكم على القديس أغناطيوس  بالموت، وأرسل إلي روما، وألقي للوحوش الضارية في الكالسيوم.

(****)        هناك 30 مكاناً في العالم تشير إلى أن كهف الرقيم يقع فيها، ومنها سوريا وعمَّان والعراق وتركيا وفلسطين وغيرها، ولكن الدلائل السبعة هي ما يؤكد أن هذا الكهف هو الكهف الحقيقي علمياً وشرعياً , متمثله بالادله التاليه: "الدليل الأول الموقع الجغرافي والديني للكهف، والدليل الثاني"الرقيم" وذُكرت بالقرآن، والدليل الثالث فتحة الشمس، والدليل الرابع المسجد العلوي، والدليل الخامس الحسابات الرقمية الحديثة، والدليل السادس التحليل الخاص بالكتابات الموجودة التي تصادف عصر الإمبراطور البيزنطي " ثيودوسيوس الثاني " ( حكم ما بين (416-450 ميلاديه),  والذي في عهده افاق اصحاب ذلك الكهف، وعلى الرغم من تعدُّد الأماكن التي يقال إن الكهف موجود فيها تلك التي نجدها في الكتب السياحية، إلا أن الدلائل التي توردها المراجع السياحية لا تنطبق تماماً على ما ورد في الذكر الحكيم إذا ما قورنت بالشواهد الفلكية والجغرافية التي يظهرها موقع كهف "الرقيم" في الأردن.

(11)            "ذو القرنين" المذكور في هذه الايه الكريمه ليس هو الاسكندر المقدوني الملقب ب "ذي القرنين" لان الاحداث التاريخيه الموثقه لا تشير الى ان الاسكندر المقدوني كان موحدا مؤمنا بالله الواحد بل كان كعاده قومه يعبد العديد من الآلهه اليونانيه مثل هيستيا، ديميتر، هيرا، هادس، بوسيدون وزيوس وكان الاسكندر وثني اغريقي الديانه نصب نفسه اله مما جعل اغلب جنده يتمردون عليه, اضافه الى ان جميع فتوحات الاسكندر كانت شرقا ولم يكن له ايه فتوحات غرب مقدونيا كما اشارت اليه الآيه الكريمه " حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ"

 

مغاره اهل الكهف في جنوب مدينه عمّان بالاردن وتظهر اعلاها بقايا المعبد (المسجد) الذي بني فوقهم بعد موتهم.

يلاحظ ان المحراب الدائري مضاف لاحقا على تاريخ البناء الاصلي (لاختلاف نوع وحجم حجارته) ومن المعتقد ان اضافته قد تمت بعد الفتح الاسلامي لتتجه قبلته نحو الكعبه جنوبا

البناء كان في الاصل بناء مستطيل الشكل تتوسطه اربعه اعمده تحمل قبه ويعود تاريخه الى القرن الرابع الميلادي حوالي (372م)

ثالثا: موقع ومكان الكهف الذي التجأ اليه هؤلاء الفتيه: اختلفت الآراء حول موقع ومكان الكهف الذي ارتبط بقصة الفتية المؤمنين المذكورة في القرآن الكريم ضمن سورة الكهف، فقد تباينت الاجتهادات نتيجه الاكتشافات الأثرية في العقود الماضية لبعض الكهوف التي تم ايجادها بالقرب من عمّان بالأردن أو أفسوس بآسيا الصغرى أو طرسوس السوريه، في تحديد موقع هذا الكهف غير ان اغلب علماء الانسانيات والآثار قد رجّحوا بان موقع هذا الكهف لا بد ان يكون في منطقه جغرافيه قريبه من الحدث التوراتي والانجيلي, اي في الارض المقدسه أو ما جاورها, حيث وجد ان اغلب الأدلة التاريخية والأثرية وكذلك انطباق آية طلوع الشمس وغروبها تشير الى أن كهف جبل الرقيم الموجود بجنوب عمان (قريه الرجيب ) في الأردن هو الكهف المقصود بهذه القصه والذي جاء ذكره في القرآن الكريم, وليس كهف افسس او طرسوس  كما يقول به البعض وللاسباب والقرائن التاليه (****) :

 

  1. قرب المكان من "وادي قمران" (*) والذي استخدم من قبل طائفه " الاسينيون " اليهوديه بدايه من اواسط القرن الثاني ق.م. وحتى منتصف القرن الثاني الميلادي  كمعتزل وملجأ يمارسون فيه شعائرهم الدينيه بعيدا عن قومهم الضالون والفاسدون بنظرهم.

  2. قرب المكان من مدينه "فيلادلفيا" (عمّان حاليا) والذي يبعد عنها حوالي 7 كيلو متر جنوب شرق , في قريه " الرجيب" الحاليه والتي كانت تسمى ب "الرقيم "(1)  في زمن الانباط ويبعد عنها هذا الكهف مسيره يسيره.

  3. مواجهه باب الكهف للجهه الشماليه اضافه الى عمق فتحته خلافا لما هو عليه الحال في كهف "افسوس" حيث ان مدخل كهف افسوس متسع ويواجه الجهه الشماليه الشرقيه للجبل, وهو الامر الذي يسمح بدخول ضوء الشمس اغلب النهارخلافا لما جاء به القرآن الكريم.

  4. اختلاف وتضارب احداث وتفاصيل الروايه المسيحيه عن هؤلاء الفتيه عن ما جاء به القران الكريم,  حيث تشير تلك القصة المسيحيه والتي تعرف " بقصة النيام السبعة " والتي تشير الى إنه لما كان "داكيوس" إمبراطور روما يضطهد المسيحيين بغاية القسوة ليمحو حتى اسمهم من أذهان الناس ، هرب سبعة شبان من سكان مدينة أفسس واختبئوا في كهف قريب من تلك المدينة ، فناموا نحو 200 سنة تقريبا وليس 309 سنه ، لآنهم دخلوا الكهف في عهد "دكيوس" (249-251م) ولم يخرجوا منه ثانية إلا سنة 447م في ولاية الملك "ثيودوسيوس الثاني" , الذي لم يؤرخ لهذا الحدث او يذكره في سيرته ولم تذكر آثار ثيودوسيوس التاريخية شيئًا عنه رغما عن كون هذا الحدث ذو قيمه دينيه كبيره وهذا يدل على عدم صحه ما جاء بهذه الروايه, اضافه الى ذلك فان القصه المسيحيه تدعي وجود قائمه لاسماء هؤلاء الفتيه مكتوبه على لوح معدني, وهنا نتسائل أين هو هذا اللوح المعدني الذي كتب عليه أصحاب الكهف أسماءهم؟! و لماذا لم تحتفظ به الكنيسة على اعتبار أنها آثار رجال صالحين في حين أنها احتفظت بأسخف ممتلكات القساوسة.

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page