top of page

الزمن القرآني لخلق السموات والارض

بدايه من حقبه الدخان

 

طبقا لسياق حقائق الخلق التي وردت في القرآن الكريم فلقد خلق الله السموات والارض طبقا لما استنه سبحانه في خلقه (خلق من بعد خلق) وذلك في فتره سته ايام من الايام عند الله سبحانه وتعالى ابتداء من حقبه الدخان الى قضاءه سبحانه وتعالى بان تكون السماء  سبعه سماوات , وهذه الايام السته (*) بينها الله سبحانه وتعالى لنا في محكم آياته كقوله تعالى" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ*وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ*ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ*فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم " [فصلت: آيه 9-12] هي يومين لخلق السموات والارض بدأ من حقبه الدخان وانتهاء بقضاء الله ان تكون السماء التي بدأ عندها الخلق بمجمله سبعه سماوات, اضافه الى اربعه ايام أخرى لكي تنفذ الارض ما قدره الله لها من اقوات حتى تصبح جاهزه لاستخلاف آدم لها لاحقا , وبذلك يصبح اجمالي خلق السموات والارض سته ايام كما هي عند الله.

(*)             حددت نظريه  "الكينونه" للمؤلف  قيمه اليوم عند الله (اليوم السماوي او يوم العروج) وطبقا لما جاء في قوله تعالى" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ " بحوالي (200) مليون سنه عن كل يوم سماوي  حيث استغرق تمايز السموات والارض معا (في يومين) حوالي 400 مليون سنه طبقا لحسابات "الكينونه". (راجع الفصول السابقه)

(**)            معنى قدر- قَدَّرَ :  قَدَّرَ قُوَّتَهُ وَاسْتِعْدَادَهُ " : حَدَّدَهَا وَوَزَنَهَا بِمِقْدَارِهَا . قَدَّرَ ثَمَنَ البِضَاعَةِ " : خَمَّنَ ، قَوَّمَ . يُقَدِّرُ عَمَلَهُ " : يَنْظُرُ إِلَيْهِ بِمَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الاعْتِبَارِ . " قَدَّرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ ". قَدَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَصَائِبَ " : حَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ . قَدَرَ الشَّيْءَ " : بَيَّنَ مِقْدَارَهُ. هُوَ قَدَرٌ لاَ مَفَرَّ مِنْهُ " : مَا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ القَضَاءِ . " هَذَا قَدَرُهُ " " شَاءتِ الأَقْدَارُ ذَلِكَ " " القَضَاءُ وَالقَدَرُ ". (المعجم: الغني)

(***)           معنى أرسى الشيء : ثبته. أرسى الشيء : أثبته « أرسى السفينة ». أرسى البنَّاءُ دعائمَ البناء : أقامها وثبّتها " أرسى القواعدَ / حجرَ الأساس. رَواسيَ : ثوابتَ تمنعُها المَـيَـدَان والانحراف  

(****)          معنى "قضى" في اللغه:   قَضَى اللَّهُ " : أَمَرَ , أنفذ. "قضى الشيء" : قدَّره ، صنعه ، أكمله. قضَى إليه الأمرَ : أبلغه إيّاه. قضى أجلاً: كتب و قدّر زمانًا مُعيّنا للموت. قضى أمرًا: أراد شيئا أو أحكمه أو حتّمه

(5)         معنى قدّر في اللغه: قَدّرَ الشيءَ بالشيء : قاسه به وجعله على مقداره . قَدّرَ اللهُ الأمرَ عليه ، وله : جعله له وحكم به عليه . قدر الشيء : دبره . قدر وقدر . مقدار الشيء :حَدَّدَهَا وَوَزَنَهَا بِمِقْدَارِهَا.      

(6)        المقصود هنا بجهوزيه الارض للعيش, هو قابليتها لعيش خلقه تعالى من الجن اولا ومن ثم آدم ونسله لاحقا كمستخلف لها وعليها, وهذا لايعني ان استخلاف آدم عليه السلام للارض قد تم عند اكتمال خلقها او اكتمال تقدير ارزاقها , فمن الواضح ان خلق آدم عليه السلام قد تم بعد خلق الجان كما بينته الآيات الكريمه في السياق القرآني, وهذا يعني ان الاستخلاف قد حصل بعد ما كان هذا الجان متسيدا على الارض ويعيش فيها, والله تعالى اعلم واهدى.

 

لقد كان هنالك لبس عند البعض في فهم مده اليومين الخاصين بخلق السموات والارض تبعا للسياق القرآني وفسروا قول الله سبحانه وتعالى" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ*وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ "[فصلت: 9-10]  بان خلق الارض وتقدير اقواتها كان في سته ايام (اي ان عدد ايام مجمل الخلق هو 8 ايام: 6 ايام لخلق الارض وما عليها ويومين لخلق السموات) وهذا تفسير خاطيء  فسياق الايات الكريمه يشير الى حدثين هما:  الخلق والتَقْدِيرٌ  (**).

 

  1. الحدث الاول (الخلق) : هو حدث خلق الارض والرواسي (***) من فوقها أي من فوق الارض, والمعنى هنا لجمله الرواسي " من فوقها "  قد يُحْمّل على شقين:

 

  • الشق الاول: بان يكون مكان الرواسي على سطح الارض, اي الجبال كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: " أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا [النبأ: آيه 6-7], وفي قوله عز وجل: " وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُون " [الحجر:ايه 19] او كما جاء في قوله تعالى " وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[النحل:ايه 15] , وكما جاء بقوله سبحانه " وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا[المرسلات:ايه 27] .

خلق السموات والارض
  • الشق الثاني لمعنى " وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا " هو ان يكون المقصود بما فوق الارض اي ما علا الارض : اي سماء الارض وهو المعنى الصحيح, لان الملاحظ ان الله سبحانه وتعالى عندما يريد الاشاره الى الرواسي بمعنى الجبال يؤكدها صريحه بعد قول "جعلنا فيها أو القينا في..الارض"   ولم يرد في القرآن الكريم كلمه "رواسي" متبوعه بكلمه من "فوقها" الا في سياق هذه الايه الكريمه فقط ليرشدنا الله سبحانه وتعالى الى مدلول مكاني آخر يختلف عن المدلولات السابقه.

 

ولقد جاء نفس هذا المدلول في اماكن كثيره في القرآن الكريم كقوله سبحانه وتعالى" أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ " [النور:ايه 40], فالمقصود هنا بجمله " من فوقه " أي " ما علاه " , حيث أن الله سبحانه وتعالى قد وصف الاعمال السيئه للكافر بحال البحر العميق الذي يعلوه الموج من فوقه ويعلو الموج موج آخر من فوق الموج الاول ويعلو الجميع السحاب, طبقات من الظلمه يعلو بعضها بعضا.

 

ولما كانت سماء الارض (من فوقها) في حيزها الاصغر تشتمل على مجموعه اجرام من السماء الدنيا (كمجره درب اللبانه) والتي بمجملها اعطت المجموعه الشمسيه ومن ضمنها الارض الثبات والاستقرار (الرواسي) في حيزها الزمكاني نتيجه للتفاعل الثقالي بين مكوناتها, ولما كانت مجرتنا جزء من كل الكون المخلوق ومتفاعله معه,  وأن مجمل ما في الكون يوازن بعضه بعضا, فبهذا يكون المقصود باليومين كما في الايه الكريمه " قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ " هو اشاره الى التداخل الزمني والمكاني لخلق السموات والارض معا وهذا ما بينه سبحانه وتعالى عند قوله " فَقَضَاهُنَّ (****) سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " [فصلت:ايه 12] , فالسماوات السبع في هذه الاية الكريمه تشتمل على السماء الدنيا بما فيها الارض, لكون الارض جزأ من هذه السموات وليست منفصله عنها, اي ان الارض كجزأ من السماوات وما فوقها من رواسي ممثله باجرام السماوات قد تم خلقها في يومين من الايام عند الله سبحانه,  وكان الهدف بذكر اليومين في بدايه نص الآيه الكريمه قبل ذكر الاربعه ايام هو تقريع وتذكير للكافرين بحقيقه خلق الارض كجزأ من كل... بدأً , وبفضل الله عليهم بخلق النعم واقوات خلقه فيها وعليها في اربعه ايام... لاحقا.

 

  • الحدث الثاني (التقدير) (5)ويقصد به ان الله سبحانه وتعالى اقتضت مشيئته بتقدير وتحديد ما سيكون على الارض من خلق وأرزاق والذي سيكون مسخر لمخلوقه من البشر (آدم) وغيرهم لاحقا,  بدأ من اكتمال خلق الارض ككوكب في يومين كجزأ من السماوات,  ومرورا بخلق جميع ما فيها من اقوات واحياء ونباتات...وما الى ذلك  (خلافا لخلق سيدنا آدم) في اربعه ايام من الايام عند الله, وانتهاء بخلق سيدنا آدم بعد خلق تلك الاقوات حاملا فيه هذه الامانه كخليفه في الارض وعليها كقوله سبحانه وتعالى" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ "  [الحج:ايه 65], وكقوله تعالى" وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "  [الجاثيه:ايه 13].

 

وبذلك يكون مفهوم الايه الكريمه  "وَقَدَّرَ (5) فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ" هو ان الارض قد اخذت من وقت اكتمال خلقها كجزأ من السماوات في يومين , اربعه ايام اخرى لخلق اقواتها ولاتمام الخلق عليها من نبات وحيوان وبشر (الانسان الاول قبل خلق آدم عليه السلام) وما الى ذلك خلقا من بعد خلق,  حتى اصبحت جاهزه للعيش (6)  لمجمل خلقه سبحانه وتعالى  , وهذه الايام الاربعه هي من الايام عند الله سبحانه وتعالى وليست من ايام الارض لان زمن الارض عندما قدر الله سبحانه وتعالى تلك الاقوات, لم يكن مستقرا كزمن الارض عند استخلاف آدم لها وعليها, لعدم انتظام سرعه دوران الارض حول نفسها وحول الشمس خلال فتره نشوءها.

" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ*وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ "

" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ*وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ "  [فصلت: آيه 9-10]

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page