top of page

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : " سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ " [الروم : ايه 41], تبين لنا هذه الآيه الكريمه من سوره " الروم " آيه من آيات الله سبحانه وتعالى والدالة على وحدانيتة , بان جعل آية الزوجية في كل المخلوقات كسنه من سننه سبحانه استنها في خلقه، فقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يخلق كل شيء في هذا الوجود في زوجية واضحة حتى يبقى هو سبحانه متفرداً بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه، يقول تعالى:" وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " [الذاريات:آيه 49].

 

أرشدنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى ان ننظر ونتفكر في مخلوقاته، وجاءت تسمية هذه المخلوقات في القرآن بالآيات، والآيات هي العلامات البارزات الواضحات، وبالتالي فإن كل ما في الكون من المخلوقات من ماده وطاقه ومجرات وكواكب ...وانس وجان ونبات وحيوان هي بعض من ألآيات الكونية التي تدل على قدره الخالق عز وجل وتفرده, فمبدأ الزوجيه في الخلق آيات من آياته سبحانه شملت جميع خلقه من اصغر جسيم الى اكبر مجره لتشهد على عظمه هذا الخالق المبدع المصور, ولتشهد لهذا القرآن اعجازه وبانه كلام الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. 

" سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ" [الروم : ايه 41]

" وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " [الذاريات:آيه 49].

الزوجيه في الكون 

لا يقتصر مفهوم الزوجيه في الخلق على المفهوم الدارج لدى الناس والذي جاء بمعنى الذكورة والأنوثة عند الانسان والحيوان كقوله سبحانه وتعالى:" فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى " [القيامه:آيه 39] , بل يتخطاه الى مجمل ما في هذا الكون من خلق " وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ " فالنباتات كآيه من آيات الله سبحانه تخضع بمجملها لمبدأ الزوجيه في الخلق كقوله تعالى:" الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى " [طه:آيه 53] , وكقوله سبحانه:" وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " [الحج:آيه 5].  

 

ومما قد توصل إليه العلم حديثاً من الحقائق العلمية المتعلقة بالمملكه النباتيه,  حيث وجد أنه لا يتفق نباتان من نوع واحد في صفاتهما كل الاتفاق، وأن أعضاء التأنيث والتذكير في النباتات لم تعرف على وجه القطع واليقين إلا بعد نزول القران الكريم باكثر من الف عام (سنه 1729م) وتم تطوير مفهومها العملي والعلمي على يد القس يوهان مندل (*). ولولا هذه الزوجية في النبات ما كان هناك إخصاب ولا ثمار ، فالأصل في الإثمار هو وجود الزوجين، ومن النبات من يحمل أعضاء التذكير على نبات مذكر وأعضاء التأنيث على نبات مؤنث وتسمى (النباتات ثنائية المسكن) وذلك مثل النخل. ومن النبات من يحمل كلاً من أعضاء التذكير والتأثيث على نفس النبات ويسمى (أحادي المسكن) كالصنوبر. فسبحان الله القائل وقوله الحق:" وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ " [الرعد:آيه 3].

(*)      غريغور يوهان مندل (Gregor Johann Mendel) ولد  في 20 يوليو 1822 وتوفي في 6 يناير 1884 م, ويعتبر أبو علم الوراثة، وهو عالم نبات وراهب نمساوي أجرى الكثير من التجارب على النباتات واكتشف القوانين الأساسية للوراثة, أدت تجاربه في تكاثر نبات البازلاء إلى تطور علم الوراثة وكانت تجاربه هي الأساس لعلم الوراثة الذي يشهد تقدماً في عالم اليوم.

(**)      ملح الطعام, كما هو معروف, يتكون من إتحاد عنصري الكلور والصوديوم NaCl، ويعتبر المركب الكيميائي الذي خضع للدراسة أكثر من غيره من المركبات الكيميائية. التركيب فالجزيئي للملح بسيط جدا, فكل ذرة صوديوم تتحد مع ذرة كلور، وهذا صحيح في الظروف الطبيعية, ولا تسمح قواعد علم الكيمياء التقليدية بأي خيارات أخرى, بموجب قاعدة "الثمانية", كل عنصر كيميائي يسعى إلى أن يحتوي غلافه الخارجي على 8 الكترونات، لضمان استقرار الذرة، ونظرا لوجود الكترون زائد للصوديوم والكترون ناقص للكلور، فإن الصوديوم يعطي هذا الالكترون الزائد إلى الكلور، وبهذا يصبح في الغلاف الخارجي للعنصرين 8 الكترونات مكونة أواصر أيونية متينة.

(***)     نظائر العناصر الكيميائية هي أشكال من العنصر الكيميائي لذرتها نفس العدد الذري، ولكنها تختلف في الكتلة الذرية بسبب اختلاف عدد النيوترونات . ولا تختلف الخواص الكيميائية للذرة ونظيرها، ذلك لأن الخواص الكيميائية للذرة تعتمد عل عدد البروتونات في النواة وبالتالي على عدد الإلكترونات التي تدور في الغلاف النووي وتوزيعها ، أما الخواص الفيزيائية فهي تختلف لكلاهما اختلافا كبيرا حيث تعتمد على عدد البروتونات والنيوترونات وتوزيعهما في النواة . فمثلا إذا نظرنا إلى ذرة الكربون-12 وهي تحتوي على 6 بروتونات و 6 نيوترونات في نواتها فهي مستقرة (خاصة فيزيائية) . أما الكربون-14 فتحتوي نواته على 6 بروتونات و 8 نيوترونات وهو نظير مشع أي ذو نشاط إشعاعي (خاصة فيزيائية) ويتحلل من ذاته عن طريق تحلل بيتا.

 

دور الاحياء في تلقيح النبات

ومن صور الزوجيه الاخرى في الكون, "النطف" و "الصبغات" والذي نتج عن اتحادهما بعمليه " الرتق " السابقه لحدث الانفجار العظيم ما يسمى ب  "البذره الكونيه" والتي "انفتقت" لحظيا بعد ذلك بعمليه " الفتق"  ليترتب على ذلك خلق الماده الاوليه التي حدث عندها " الانفجار العظيم ", حيث توالت بعدها صور الزوجيه تتابعا بدأ من خلق جسيمات " الماده " و جسيمات " مضاد الماده " (الجسيمات والجسيمات المضاده) والذي نتج عن فنائهما المتبادل انبعاث كم من الطاقه والتي كانت ضروريه لبدأ عمليه التخليق النووي للماده ونظائر الماده في الكون بدأ بالهيدرجين وانتهاء بجميع عناصر الماده (هيليوم, اكسجين, حديد....باريوم, يورانيوم...الخ) , اضافه الى ان الزوجيه قد تمثلت ايضا في البناء الداخلي للعناصر المخلوقه والمتمثله بالجهد الكهربي للعناصر بوجود الجهد السالب والموجب فالبروتون كاحد مكونات بناء الذره يحمل شحنه موجبه الاتجاه والاليكترون كاحد موكونات الذره ايضا يحمل شحنه سالبه الاتجاه وتنعكس تلك الزوجيه ايضا على وجود مضاد للعناصر فمضاد عنصر الهيدرجين مثلا  يحمل بناء داخلي مضاد في شحنته واتجاهها عن عنصر الهيدرجين العادي ... وما الى ذلك , فمنذ اللحظه الاولى لتخليق الماده بعد ظاهره الانفجار العظيم تمثلت الزوجيه بهذا الخلق بالجسيمات والجسيمات المضاده كالكواركات و الكواركات المضاده, والبروتون الموجب الشحنه والاليكترون السالب الشحنه, اي ان كل ماده في الكون المدرك تخضع لقانون الزوجيه المتمثل في مكونات اللبنات الاساسيه لبناء هذه الماده والتي اساسها البروتونات ونقيض البروتونات، وإلكترونات ونقيضها والبوزيترونات، والنيوترونات ونقيض النيوترونات ... وهكذا, وهي في مجملها المكونات الرئيسيه للبناء الذري للعناصر في الكون .

 

فالبشر مثلا يتألف بناء اجسادهم من ملايين المليارات من الذرات التي تحمل صفه الزوجيه, ناهيك عن تمايز البشر و الكائنات الحيه الاخرى من حيوان و نبات ككائنات كامله الى ذكر وانثى كصوره من صور هذه الزوجيه في الخلق, والارض والكواكب تتمتع بمجالات مغناطيسيه باقطابها السالبه والموجبه كصوره من صور هذه الزوجيه.

وما ينطبق على الكائنات الحيه بمختلف انواعها من حيوان ونبات وبشر وجان ...وما الى ذلك من خلقه سبحانه,  ينطبق ذلك على مجمل ما في الكون من ماده كالكواكب والنجوم والمجرات والتي تتألف بمجملها من ذرات العناصر المختلفه كالهيدروجين الاكثر نسبه فيها, ومن ثم الهيليوم و الليثيوم صعودا الى الذرات الاثقل كالحديد المستقر عند منتصف المسافه ما بين العناصر الخفيفه والعناصر الثقيله ووصولا الى ذرات اليورانيوم والبريميوم وما الى ذلك من عناصر تم تخليقها في قلب النجوم عن طريق الاندماج النووي لعنصري الهيدرجين والهيليوم, والذي تلعب فيه الزوجيه دورا هاما في ذالك ضمن مقاييس معجزه,  فلو حدث أى تغير فى العلاقه بين اى شحنتين كهربائيتين فى الذره بنسبه واحد الى 100 بليون لاستحال وجود الكون كما هو الآن؟.

اضافه الى ذلك فالزوجيه في بناء الذره يعطيها الخصائص الكيمائيه اللازمه لتفاعل العناصر المختلفه بعضها مع بعض, فلولا وجود الاليكترون السالب في ذره الاوكسجين مثلا لما حصلت ظاهره الاكسده بين الاكسجين والحديد لانتاج اكسيد الحديد, ولما اتحدت الذرات لتكوين الجزيئات أو لتكوين المركبات الكيماويه المختلفه كملح الطعام مثلا (**)  

 

فالزوجيه في الخلق بمجمله هي السمه المطلقه لهذا الخلق وطبقا لما استنه سبحانه وتعالى لهذا الخلق بدأ من اللبنات الاساسيه للماده كالكواركات (صبغات الماده: وهي جسيمات أولية مشحونة تتأثر بالقوة القوية.  تأتي في ستّ نكهات زوجيه : قاع-قمة، سفلي-علوي، غريب-ومتناسق.) والجالونات (الروابط) ومرورا بالذره (اليكترون سالب وبروتون موجب) والعناصر الكيماويه ونظائرها (***) (كل عنصر يتكون من العنصر ونظيره: كالاكسجين ونظيره والهيدرجين ونظيره...الخ) والمجرات والطاقه (الموجبه والسالبه) والقوى الكونيه والماده والماده المضاده وانتهاء بجميع انواع الخلق المادي كالبشر والنبات والحيوان وما الى ذلك, فسبحان الخالق الباريء المبدع الواحد الاحد الذي ليس كمثله شيء القائل" سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ"

التركيب الذري لملح الطعام

" سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ " [الروم : ايه 41]

" وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " [الحج:آيه 5].

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page