top of page

تمهيد: في عام 1967 قام كل من Jocelyn Bell و Anthony Hewish بمراقبة السماء لفترة طويلة حتى تمكنوا من تسجيل إشارات راديوية قادمة من الفضاء البعيد، ولقد ظنوا في البداية أنها قد تكون رسائل من كائنات مجهولة، غير انه قد تبين لهم أن هذه الإشارات ما هي إلا صوت لدقات منتظمة ومتكرره، وكأن أحداً في الكون يطرق عدة طرقات منتظمه كل ثانية , مما جعلهم يعتقدون بدايه ان هذه الطرقات قد تكون ناتجه عن نشاط " مستعر اعظم " (*) , وبتطور اجهزه الاستشعار قام علماء الفيزياء الفلكيه بتحليل الاصوات القادمه من النجم المسمى " نباض الثّور" في سديم السرطان وهو نجم شديده السطوع حيث تبين لهم ان هذا النجم ينبض مثل قلب الإنسان، فأسموا هذه النوع من النجوم النيوترونيه " بالنوابض Pulsars " (**)  ولقد تبين فيما بعد أن هذا النوع من النجوم تصدر أصواتاً أشبة بالطرق، فأسموها نهايه " بالمطارق العملاقة gigantic hammer ". أو " النجوم الثاقبه " كما سمته وكاله الفضاء الامريكيه "ناسا".

" وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ * فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ " [الطارق: آيه 1-7]

والسماء و الطارق

اشارسبحانه وتعالى في هذا القسم اولا الى السماء كمكان لهذا الحدث المتمثل " بالطارق " ومن ثم حدد لنا سبحانه وتعالى ماهيه هذا الطارق مبينا لنا سبحانه بانه نجم من نجوم هذه السماء وبانه يتصف بكونه نجم ثاقب كقوله عز وجل " النَّجْمُ الثَّاقِبُ " , وهذا الوصف المعجز الذي لخص لنا جميع المفردات العلميه التي جاء بها علماء الفيزياء الفلكيه عن صفه هذه النجوم والتي سموها "بالنجوم النيوترونيه" و "المطارق العملاقه" و "النجوم الخارقه الاضاءه" و " النجوم الثاقبه" , حيث تبين لهؤلاء العلماء وبعد دراسه العديد من المعطيات والبيانات التي جمعوها من اجهزه الرصد الحديثه ان سطح هذه النجوم يتكون من الحديد المتبلور شديد الصلابه ومن طبقات اسفل منه تتألف من بيونات أو كايونات ومن قلب يتألف من الحديد النيوتروني , وهذا النجم يعتبر من أشد النجوم لمعاناً في الكون (5)، فضوؤه يثقب صفحة السماء ثقباً وتم رؤيته في وضح النهار لشده تألقه وهذا الامر لخصه لنا سبحانه بقوله عز وجل واصفا هذا النجم ب " النَّجْمُ الثَّاقِبُ ", فمن المعلوم ان احد معاني كلمه " ثاقب" في اللغه هو: المُضيْ أو المُحْرِق اضافه الى معناها اللغوي النَافِذٌ بِعُمْقْ ، ومن عجائب ما صادفته في هذه الدراسة أن العلماء وجدوا أن هذه النجوم تتكون من طبقات وأن قلب هذه النجوم يتألف من الحديد السائل النيوتروني شديد الكثافه، وأثناء تموج (تذبذب بندولي) هذه النجوم خلال دورانها الفائق السرعه يحدث طرق لهذه الطبقات بواسطه النواة الحديدة المتذبذبه تماماً كما تعمل المطرقة وهو ما بينه لنا سبحانه بتلخيص معجز واصفا هذا النجم " بالطارق" ، كما تأكد لهؤلاء العلماء على أن هذا النجم، يصدر امواجا من الجسيمات الجذبيه (النيوترينو) وهي جسيمات دقيقة جداً تطلقها هذه النجوم بكميات كبيرة أثناء نشاطها الراديوي مع كل نبضه وتسير بسرعه الضوء, وهذه الجسيمات عديمة الشحنة وليس لها كتلة (كتله تقارب الصفر)، وهي من الأجسام الأولية التي استطاعت مختبريا اختراق طبقه من الرصاص سمكها أميال عديدة دون أن يعرقلها أي شيء! وهو ما اشار اليه القران الكريم بقوله عز وجل واصفا هذا النجم "الطارق" بانه ايضا : " النَّجْمُ الثَّاقِبُ " اي النافذ نفاذا عميقا ثاقبا للاشياء (قاموس المعاني), ولذلك فإن  وكاله "ناسا" صرحت بان أفضل تسميه علميه يمكن ان تطلق على هذا النوع من النجوم  هو "النجم الثاقب www.nasa.gov) " Piercing star)

يعزى سبب سماعنا لصوت الطًرْقْ من تلك النجوم لدوران هذه النجوم تذبذبا بسرعة هائلة حول محور مركزها ، فخلال هذا الدوران الفائق السرعه لهذا النجم وبسبب مكونات مادته التي يغلب عليها النيوترونات والبروتونات واليكترونات و البيونات والكايونات, ينتج عن نشاط ذلك النجم ظاهرتان فريدتان, الاولى طرقات منتظمة ناتجه عن النبض الداخلي للنجم، والثانية صدورإشعاعات قويه من موجات جسيمات الجاذبيه " النيوترينو" التي تنتشر في اعماق الكون وتستطيع ثقب أي شيء يصادفها ماره من خلاله ومهما كانت كثافته.


لقد رصد العلماء الموجات الجذبية (***) الصادرة عن النجوم النابضه، وقالوا إذا كانت جسيمات الضوء لا يستطيع اختراق الماده، فإن الموجات الجذبية الهائلة التي يصدرها النجم النابض تستطيع اختراق أي شيء، حتى أن أجسامنا تُخترق في كل لحظة بهذه الأمواج ولا نحس بها ولا تؤثر تأثير مباشر علينا.وهذا يعني أن جسيمات الموجات الجذبيه " النيوتريونوات" (****)  وهي جسيمات عديمة الشحنة وليس لها كتلة، هذه الأجسام الأولية تخترق الرصاص مسافة أميال عديدة دون أن يعرقلها أي شيء! وهي تخترق جسدك الآن وأنت تقرأ هذه المقالة!!!

(*)             المُسْتَعِرُ الأعظم أو الطارف الأعظم (Supernova سوبرنوفا) هو نوع من أنواع النجوم المتفجرة التي تنتج على صوره عدة انفجارات نجمية هائلة يقذف فيها النجم غلافه في الفضاء عند نهاية عمره، تؤدي إلى تكون سحابة كروية حول النجم براقة للغاية (شديدة البريق) من البلازما، سرعان ما تنتشر طاقة الانفجار في الفضاء وتتحول إلى أجسام غير مرئية في غضون أسابيع أو أشهر، أما مركز النجم فينهار على نفسه نحو المركز مكوناً إما قزما أبيضا أو يتحول إلى نجم نيوتروني ويعتمد ذلك على كتلة النجم، أما إذا زادت كتلة النجم عن نحو 20 كتلة شمسية فإنه قد يتحول إلى ثقب أسود بدون أن ينفجر في صورة مستعر أعظم. 

(**)            لكل نجم بداية ونهاية، وعندما يكون وزن النجم أكبر من وزن الشمس بمرة ونصف تقريباً، وعندما تنقضي حياة هذا النجم وينفد وقوده يبدأ بالانهيار ويمر في حالة تشبه الانحلال، فالإلكترونات لا تعود قادرة على البقاء في مداراتها حول الذرة، ولذلك سوف تُجبر على اختراق الذرة والانصهار في البروتونات، لتتشكل بذلك النيوترونات. وتولد حرارة تبلغ أكثر من مليون مليون درجة مئوية، وبالتالي فإن هذا النجم يتحول إلى نجم نيوتروني يزن أكثر من 400 مليون مليون كيلو غرام. والنجم النيوتروني يبلغ وسطياً من 1.4 حتى 5 أضعاف وزن الشمس، وإذا زاد وزنه على ذلك سوف يتحول إلى ثقب أسود. أما نصف قطر هذا النجم فيبلغ من 10 إلى 20 كيلو متر. 
فإذا كان لدينا نجم نيوتروني وزنه 1.4 وزن الشمس، ونصف قطره 15 كيلو متر، فإذا علمنا بأن وزن الشمس هو 2 وبجانبه 30 صفراً كيلو غرام، أي ألفي بليون بليون بليون كيلو غرام، فإن وزن هذا النجم النيوتروني سيبلغ 2.8 ألف بليون بليون بليون كيلو غرام، وبحساب بسيط نستنتج أن كل سنتمتر مكعب من هذا النجم يزن 200 ألف مليون كيلو غرام !

(***)          تمكن العلماء بواسطه التلسكوب (BICEP2) من الحصول على أول دليل على وجود موجات الجاذبية البدائية ففي عام 1974 , قام عالما الفلك راسل هالس وجوزيف تايلور بالكشف عن النجم النابض الثنائي, وهو زوج من النجوم الميتة التي ينبعث منها نبضات من الموجات اللاسلكية, أدرك كل من هالس وتايلور أن النجوم النابضة كانت قد فقدت الطاقة ببطء ,تدور مقتربة تجاه بعضها البعض بالطريقة التي كانت متفقة تماماً مع معادلات أينشتاين في النسبية العامة :الطاقة المفقودة  يعتقد إنها تنبعث على هيئة موجات جاذبية. وحصل العالمان بعد هذا الاكتشاف على جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1993. 

(****)         استغرق العلماء وقتاً طويلاً حتى استطاعوا اكتشاف النيوترينو بأصنافه الثلاثة كما أن الاكتشافات تمت على مراحل بدأت في الستينات وانتهت أواخر العام 2000. من المعتقد أن حوالى عن 50 ترليون نيوترينو شمسي تخترق الجسم البشري كل ثانية. في أواخر سبتمبر 2011، أُعلن عن نتائج تجارب استمرت بضع سنوات تأكد خلالها أن سرعة النيوترينات من نوع "ميون|Muon" أكبر قليلاً من سرعة الضوء الأمر الذي "قد" يعيد صياغة قوانين النسبية والفيزياء الحديثة. 

(5)                 يؤكد العلماء أن هذه النجوم تبث أشعة عظيمة ولامعة، ففي عام 1979 سجل العلماء في جامعه بنسيلفينيا الشعاع الأكثر لمعاناً في السماء وقد كان ناتجاً عن نجم نيوتروني ثاقب، فقد بث هذا النجم كمية هائلة من أشعة غاما gamma rays وهي أقوى أنواع الأشعة الثاقبة، لقد بث خلال 0.2 ثانية كمية من الإشعاعات الثاقبة تعادل ما تبثه الشمس في ألف سنة!!! ويقول العلماء الذين رأوا هذا الشعاع إنهم لم يشاهدوا شعاعاً بهذه القوة واللمعان من قبل !, ويستخدم العلماء في كشف أعماق هذه النجوم تسجيل الانفجارات التي تولدها ثم يقومون بتحليل هذا التسجيل، ومعرفة التركيب الداخلي للنجم، تماماً كما يستخدم علماء الأرض مقاييس الزلازل وتسجيل الاهتزازات الأرضية لمعرفة تركيب الأرض وبنيتها الداخلية وطبقاتها. 

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيزفي سوره الطارق: " وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ", حيث تبين لنا هذه الايات الكريمه آيه من آيات الله المعجزه الا وهي "النجوم الطارقه الثاقبه " والتي ما كان لاحد من البشر ان يستشفها او يعلم  كنهها منذ نزول القران الكريم وحيا قبل اكثر من 1400 عام على سيدنا محمد صلاه الله وسلامه عليه وعلى اله وسلم, وحتى الى عهد قريب في نهايات القرن الماضي, الامر الذي يشهد لهذا القرآن بانه كلام الله عز وجل لا يأتيه الباطل من بين يديه او من خلفه, ويشهد لسيدنا محمد صلوات الله عليه بصدق الرساله وبان الاسلام هو دين الله الخاتم.

 

ابتدأت هذه الايه الكريمه بان اقسم الله سبحانه وتعالى وهو المنزه عن القسم " بالسماء والطارق ",  حيث

كما اننا نجد في قوله سبحانه: " وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ * إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ " [الطارق: آيه 1-4] , ان الله عز وجل قد قرن هذا القسم  "والسماء والطارق" بالمقسوم عليه وهو قوله عز وجل " إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ "  ليرشدنا سبحانه وتعالى الى مدلول آخر معجز يتعلق بهذا النجم المقسوم فيه, حيث تفيد هذه الآيه ان الله عز وجل قد اوكل على كل نفس من يحفظها من الملائكه حفظ مراقب, اي يحفظها ويراقب عملها ويكتبه ويحصيه على تلك النفس بدقه متناهيه مصداقا لقوله تعالى: "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" [الكهف: آيه 49], وفي اقتران المقسوم عليه بالنجم (المقسوم فيه) يريد الله عز وجل ان يدلنا الى دلالات أخرى تخص هذا النجم وهي أولا : دقه اثر فعل هذه النجوم من جهه, حيث انه من الثابت ان هذه النجوم النيوترونيه (الطارقه الثاقبه) تنبض بانتظام فائق الدقه حتى ان اكثر العلماء اعتبرها من ادق " الساعات الكونيه " التي يمكن الاعتماد عليها في حسابات الزمن الكوني, وثانيا أن هذه النجوم من خلال قوه جذبها الفائقه ومن خلال مواقعها الزمكانيه تلعب دورا هاما في حفظ التوازن الثقالي في الكون (نجم حافظ) وخصوصا ما بين الماده والطاقه السوداء اللتان تعملا على توسعه الكون وتمدده من جهه وما بين الماده المرئيه كالمجرات والنجوم في الكون المدرك التي قد تتأثر بهذا التوسع من جهه اخرى. 

 

فسبحان الله القائل وقوله الحق في من لم يؤمن بان هذا القرآن هو وحي من عند الله: " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُم بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [فصلت: آيه 52-53] , فآيه هذا النجم هي إحدى ألآيات الكونيه المعجزه التي جاءت ليرينا الله بها ان ما جاء به سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه السلام قد جاء به وحيا من عند الله سبحانه وتعالى ومن المستحيل ان يكون من صنع بشر, ,والله اعلم واهدى وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.     

النجم النابض

والسماء و الطارق

ولاده نجم نابض

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page