top of page

(*)             الماده الاوليه (primordial matter): طبقا لنظريه الانفجار العظيم المعدلة اقترحت النظريه شكلا لمكونات تلك الماده كماده مكونه من: الإشعاع و الالكترونات و النيوترونات  والبروتونات  وماده مضادة مكونه البوزيترونات (مضاد الاليكترونات يحمل شحنه موجبه) اضافه الى مضاد البروتون (يحمل شحنه سالبه) ومضاد النيوترون (بلا شحنه ولكنه يدور باتجاه عكسي)

(**)             المرجع: " Science Albert Einstein, Science, Philosophy, and Religion "

ان الله عز وجل عندما خلق الانسان علمه قليلا من علمه سبحانه" وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا " [الاسراء- ايه 85]  وفي حدود احتياجاته لما سخره له من المخلوقات في السماوات وفي الارض, علمه سبحانه كل ما يحتاجه لفهم وتطويع ما سخره له, كما علمه اسمائها الدالة على مكنوناتها  كقوله تعالى" وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ"  [البقرة - ايه 31] (*) فالمقصود بالأسماء في هذه الآية الكريمه ليس الاسم المجرد بل على ما يشتمله الاسم من دلالات كالدلالة على الفاعلية، والمفعولية، كما يشتمل على الدلالة الزمانية، والمكانية، والغاية، وبيان النوع، والعددية، والحالية عند وقوع الحدث (**), أي ان ما تعلمه آدم ليس اسماء مجرده للموجودات المرئيه على الارض التي استخلف عليها كاسماء الشجر والنبات والحيوان وما في الطبيعه من موجودات... فحسب, بل تشتمل على ما علمه الله سبحانه وتعالى لآدم من كل شيء وفي حدود ما سخره الله له من خلق في السموات وفي الارض, كالهندسه والطب والعلوم المختلفه والاختراعات والعروج الى السماء واستشفاف القوانين المخلوقه ... وما الى ذلك... فالملائكه تعلم وقبل خلق ادم من كتاب الله بما في الارض وبما سيكون فيها من خلق, ولكنها لا تعلم ما قدره الله من علم لادم ولذلك كان جواب الملائكه على سؤال الله سبحانه وتعالى لهم " فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين" بقولهم " قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ "  [البقره- ايه 32], فلو كان ما تعلمه آدم عليه السلام ينحصر في المخلوقات على الارض ومسمياتها فقط لعلمتها الملائكه ولأنبأت الله سبحانه وتعالى بتلك الاسماء التي تعلّمتها وعَلِمتها مسبقا من كتاب الله. 

ان الله سبحانه وتعالى لم ينهى عن التفكر والتدبر والبحث في  مكنونات خلقه حتى يدّعي هؤلاء الملحدون بان الدين عاجز عن مواكبه العلم ,  بل انه سبحانه وتعالى امرنا وحثنا بان نفكر وان نتدبر, ففي الحديث أن عائشة رضي الله عنها قالت: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " يا عائشة ذريني أتعبد لربي عز وجل! قلت: والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك، قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته، قالت: ثم بكى حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة, فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله,  أتبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال عليه الصلاة والسلام: أفلا أكون عبداً شكوراً لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها " وقرأ عليه الصلاة والسلام قوله تعالى:

 

" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" [آل عمران- ايه 190]

(*)             جاء في التفسير عن ابن عباس "وعلم آدم الأسماء كلها"  قال (هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان، ودواب، وسماء، وأرض وسهل، وبحر، وخيل، وطيور، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.) في اجتهادي ان هذا التفسير لا ينطبق على مفهوم الآية الكريمه لان الله عز وجل عندما اخبر الملائكة بمشيئته بجعل خليفه في الارض " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ" فالملائكة تعلم وقبل خلق ادم من كتاب الله بما في الارض وبما سيكون فيها من خلق من نبات وحيوان وسفك للدماء ولكنها لا تعلم ما قدره الله من علم لادم والذي سيكون في حدود ما سخره الله تعالى له, فما الاختراعات كالطائرات واسلحه الدمار والطب والهندسة وما الى ذلك من المكتشفات والعلوم ما هي الا جزء يسير مما علمه الله لادم وما الجينات الا ذاكره مبرمجة بكل العلم الذي علم به ادم عند خلقه (انظر كتاب المؤلف "كيف بدأ الخلق : الجزأ الثاني: خلق الانسان" ).

(**)             الاسم في اللغة هو الكلمة التي تدل على معنى في نفسها ولا تقترن بزمان, تنحصر في الاسم معان كثيرة: كالدلالة على الفاعلية، والمفعولية، كما يشتمل على الدلالة الزمانية، والمكانية، والغاية، وبيان النوع، والعددية، والحالية عند وقوع الحدث، ويفسر المبهمات، ويؤدي معنى الاستثناء، والإسناد. في الوقت الذي لا يؤدي فيه الفعل إلا معنى مزدوجا وهو: الدلالة على الحدث، والزمن، وغالبا ما تكون الدلالة الزمانية له محددة بالسياق العام وليس من مجرد لفظه.

(***)     بدأ تنفيذ مشروع قراءة الخارطة الوراثية Gentic Mapping تحت اسم "الجينوم البشري" عام 1990م بهدف  دراسه الكروموزومات وفك تلك الصيغ الكيميائية للجينات على كل كروموزوم ومعرفة ترتيب المعلومات والبيانات الوراثية الكاملة عند الإنسان من خلال تحديد نوع وتسلسل الجينات الموجودة في الحقيبة الوراثية genome.

(****)     تنص النظرية الحديثة للتمايز الخلوي, بأن الخلايا هي وحدات بناء وتمايز الكائن الحي,  على عكس المفهوم السابق عندما كان يعتقد انها وحدة هيكليه. وتستند هذه النظرية على مبدأ أن الحياة مبنية على الخلايا لارتباط تلك الخلايا بالجينوم genome (الصبغيات المورثه) والتي تعطي كل كائن صفاته الخاصه التي تميزه عن غيره . 

تمهيـــــد: ان النظريات العديده والتي بحثت في كيفيه بدأ خلق (نشؤ) الكون لم تحقق اي اطار علمي مقنع رغما عن  الجهد الفذ للعلماء القائمون عليها حيث انها لم تستطع الاجابه على اغلب الاسئله الجوهرية والتي وضعت تلك النظريات من اجلها, بدأ بنظريه الانفجار العظيم (Big Bang)  وانتهاء  بنظرية الأوتار (String theory) , غير ان جميع النظريات المطروحه اتفقت على ان الكون قد نشأ من حالة خارقه الحرارة وشديدة الكثافة والتراكم (نتاج مرحله " الرتق"  The Darn ومرحله " الفتق " hernia طبقا لنظريه " الكينونه " للمؤلف) ومن خلال عملية التخليق النووي (nucleosynthesis) للماده الاوليه (primordial matter)  (*) واختلفت تلك النظريات على ماهيه تلك الماده الاوليه وما هو مصدرها وكيف تشكلت وتفاعلت لتعطي هذه النتائج الدقيقه الخارقه الاتزان والتوازن. كذلك لم تبحث تلك النظريات عن حاله الكون قبل بدايه الثانيه الاولى من حدث الانفجار العظيم (حاله "الرتق"  (The Darn) طبقا "للكينونه") وكيف وجدت الماده الاوليه ومن اوجدها لان العدم لا يمنح الوجود, سواء كان ذلك الوجود مادي او غير مادي.

 تعقيب: قد يقول قائل كيف علّم الله سبحانه وتعالى هذا الكم الهائل من العلم الى آدم؟. ان الجينات وهي الوحدة الأساسية للمعلومات الوراثية في كل الكائنات الحية, اضافة الى الحمض النووي, تعكسان بعض الاجابه عن ذلك، فالجينات (الجينوم genome)  هي التي تحمل المعلومات اللازمة لبناء الاحماض الأمينية والخلايا والحفاظ عليها والقيام بكافة الوظائف الحيوية ومن ثم بناء أجسام الكائنات وإعطائها صفاتها المميزة وآليات عملها,  ففي كل خليه تعتبر الجينات ذاكره مبرمجة بمجمل العلم الذي عُلّم به ادم عند خلقه ونقله متراكما بالوراثة الى بنيه من بعده, ان ما تم اكتشافه من الخارطة الجينية ورغم قلته بين ان تلك الجينات تحمل مئات الالاف من الصيغ والرموز الخاصة ببناء الجسم وتفاعلاته وامراضه ونوعه وما الى ذلك,  ولنا أن نتصور أن حجم المعلومات الوراثية المكتشفة للان, في جينات خليه واحده, اذا ما تم حفظها في قاعده بيانات حاسوب من صنع البشر يتطلب من الفرد حوالي 9 سنوات ونصف لقراءتها, فسبحان الله القائل:" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ "  [فصلت- ايه 53].

فالجينوم genome (الصبغيات المورثه) (***) بالنسبه للبشر ولغيرهم من الاحياء يعتبر قاعده البيانات والشيفره الوراثية البشرية (بالنسبه للبشر) والقابعة داخل نواة كل خلية بشرية بمختلف انواعها, وهو الذي  يعطي البشر جميع الصفات والسمات والخصائص الجسمية والتفاعليه والفكريه والعقليه والنفسيه ...وما الى ذلك, علما بان كل خليه بشريه تحمل اكثر من مائة ألف مورث ( جين ) DNA في الإنسان أي ثلاثة بلايين صيغة كيميائية للكروموزومات المؤلفه لهذه الجينات, فسبحان الله القائل " هذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ " [لقمان- ايه 11].

 

إن النطفة الأمشاج التي يخلق الله سبحانه منها الجنين يكون مقدرًا لها وفيها كل أجهزة الجنين شكلاً ووظيفة وذلك على مستوى المورثات ( الجينات) هذا التقدير في النطفة يعرف في علم الأجنة بالتحديد المسبق والبرمجة الجينية الداخلية حيث تتحدد داخليٌّا خصائص وميزات الخلايا قبل ظهورها كخلق جديد شكلاً ووظيفة وتميزا والسؤال المطروح: لماذا يختلف البشر عن بعضهم البعض رغم أن الجميع من آدم وحواء؟! تجيب على هذا السؤال "النظرية الحديثة للتمايز الخلوي" (****)  وهي أنه في حالة تمايز خلية من الخلايا اثناء تطورالنطفه فإن هذه الخلية ولسبب غير معروف تُنشِّط بعض الجينات دون الأخـرى ( ويحـدث تثبيـط لفعل بعـض الجينات ) بمعنى أن جميع الجينات تصبح مثبطة وغير نشطة Inactive genes)) ما عدا الجينات التي ستكون مسؤوله عن صفات الخلية المتمايزة والتي يحدث عندها الانقسام لتخليق العلقه ومنها خلق من بعد خلق الى الجنين والذي سيحمل صفات تميزه عن غيره من البشر,  ونلاحظ أن جينيوم كل خلية بشرية يحمل جميع مفردات البيانات الموروثه لكنها قد تظهر عند أناس وتطمس عند آخرين. وعلى ضوء هذا فإن الله سبحانه وتعالى جعل الناس شعوبًا وقبائل مختلفين في اللون والأشكال والصفات كقوله عز وجل" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً فَـأَخْرَجْـنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْـتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْـرٌ مُّخْـتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَآبِّ والأَنْعَامِ مُخْـتَلِفٌ أَلْوَانُه " [فاطر- ايه 27-28].

ان ما جاء به العلم حتى الان وما سوف يأتي به مستقبلا ليس سوى استظهار لقوانين مخلوقه من الله عز وجل ترتبت نتيجه خلقه تعالى للكون وبمن فيه وبعلمه تعالى وقبل الخلق في كتاب الله, وهي ليست اختراع من فعل البشر او الطبيعه فلولا وجود الجاذبية لما استظهر البشر قوانينها, ولولا وجود الذرة لما فهم الانسان مكنوناتها, ولولا وجود المرض لما كان هنالك طب .... وهكذا دواليك, وكل شيء خلقه الله سبحانه وتعالى سخره لخدمه خلقه من البشر الذين عُلِّموا من خالقهم كيف يفهموا ويتعاملوا مع تلك المسخرات,   " وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "  [الجاثية- ايه 13]

لذا فان هذا العلم المسَخّر من الخالق سبحانه وتعالى لمخلوقاته من بني آدم يخضع في الاساس الى قوانين الخالق وارادته والتي استنها سبحانه وتعالى قبل ان يخلق السموات والارض وفي حدود ما تعلمته تلك المخلوقات من خالقها سبحانه, اي ان المخلوق لا يستطيع ان يستنبط شيئا لا يعلمه وسيقف عاجزا ومتخبطا امام المسائل التي ليس لعلمه المام بها كالغيبيات التي اختصها الله سبحان وتعالى بعلمه دون خلقه, كالروح والساعة والخلق والموت والذات الإلهية وما الى ذلك من علم الله سبحانه.

ملخص نظريه " الكينونه "

أن مجمل النظريات المختلفة التي وضعت بهدف تفسير كيفيه نشوء الكون بمجمله, المرئي والغير مرئي,  قد عجزت وستعجز عن الوصول الى الحقيقه طالما انها تتعامل مع القضية بمنظور مادي ملحد.

 

ان ما تم من قبل العشرات و المئات من العلماء من نظريات موضوعه واكتشافات مثبته او غير مثبته ما هي إلا استظهار لقوانين كونيه مخلوقه وموجوده بوجود الكون والتي ترتبت نتيجه لخلق هذا الكون, فما الأشعة الكونية والزمكان (الزمان والمكان) والجسيمات الاوليه والسدم والمجرات والطاقة بمختلف صورها والجسيمات الدون ذريه المختلفة الخصائص الفيزيائية والكيمائيه والرياضيه وما الى ذلك, ما هي إلا نتاج مقدّر للخلق المادي للكون.

 

لقد خفي لجميع العلماء الذين يتعاطون مع نظريات نشوء الكون, انهم يتعاملون مع القوانين والنتائج التي ترتبت على عمليه الخلق بمجمله, بدأ من الماده الاوليه في مفهومهم وانتهاء بالكون بمجمله في صورته الحالية, اي انهم على الاصح يستظهرون (يكتشفون) نواتج ذالك الخلق, ودون علمهم أو بعلمهم أن جميع ما في الكون من اشكال الماده والطاقة وقوى الجاذبية والاشعاع والزمان والمكان اضافه الى مجمل القوانين الكونية (كالقوانين الفيزيائيه والرياضيه) التي تحكم العلاقة ما بين مكونات هذا الكون والقوانين المسخرة (كقوانين الكيمياء, والتفاعل الذري... وما الى ذلك) الناتجة عن خلق الكون ترتبت نتيجه لهذا الخلق, فمثلا فالنظرية النسبيه لأينشتاين تنص على "أن وجود أي شكل من أشكال المادة أو الطاقة أو العزم يحدث انحناء في الزمكان (المعارج) [*]، وبسبب هذا الانحناء فان المسارات التي تسلكها الأجسام في الأطر المرجعية القصورية يمكن أن تنحرف أو تغير اتجاهها ضمن الزمن", ان ما جاء به أينشتاين لم يخرج عن كونه استظهار لجزء من حقيقه موجوده وازليه ترتبت على خلق الكون, وهي احد مكونات الكون المرئي المخلوقة والتي لا بد من وجودها كجزأ من كل في بناء هذا الكون المحكم المتوازن.

 

يقول جون لانوكس John Lennox [**]  الأستاذ في جامعة أكسفورد وهو عالم ومسيحي متدين: " ربما تكون قوانين الفيزياء هي السبب وراء انبثاق الكون المرئي لكنني أؤمن أن الله هو الذي خلق ووضع تلك القوانين وأعطاها هذه المهمة, إن جمال وأناقة تلك القوانين تدل على أصلها الإلهي فكلما آمنت بالعلم يزداد إيماني بالله."

 

ان مجمل ما في الكون المدرك من ماده وطاقه واشعاع بجميع صورها, اضافه الى جميع المخلوقات المرئية والغير مرئيه ما هي الا  نتاج عمليه الخلق كمكونات ثابته الكميه والعدد لا تزيد ولا تنقص وتدين بالعبودية لخالقها ولمشيئته التي سنّها في خلقه, وهي في مجملها ستؤول الى خالقها دون ان تنقص مقدار ذره أو أقل  مصداقا لقوله عز وجل " إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا "  [مريم - ايه 93,94].

(1)               تتنبأ "الكينونه" انه ليس من الممكن حدوث ظاهره  الانفجار العظيم دون حدث ظاهره "الانفتاق العظيم" والذي حدث فجأه وبلا زمن ملامسا لحدث الانفجار العظيم الذي تلاه مباشره وبلا زمن ايضا, فعند انتهاء عمليه الفتق الاصغر للبذره الكونيه انهارت القوى البينيه لسطح "جرم الماده البادئه"  بتأثير تفاعلات ماده الجرم المتراكمه ذات الحراره العاليه وبتاثير جسيمات الجاذبيه العكسيه وجسيمات الطاقه المظلمه وبتأثير قوى الجاذبيه الموحده خارج الجرم (فضاء الحدث) والمتولده عن عمليه الفتق الاصغر, حيث نتج عن ذلك انفتاق ضخم فجائي لمكونات "جرم الماده البادئه" وانطلاقها  في فضاء الحدث مما تسبب في حصول ظاهره الانفجار العظيم نتيجه للتفاعلات العنيفه الفجائيه لجسيمات الماده الاوليه والطاقه بشقيها الموحد والمظلم, عندها بدأ فضاء الحدث بالتوسع الفجائي تحت سيطره قوى الجاذبيه الموحده و تحت سيطره الطاقه والماده السوداء والتان عملتا على توازن انتشار جسيمات الماده وعدم تشتتها .

(5)               تتنبأ نظريه "الكينونه" بإن عمليتي " الرتق"  و " الفتق "  هما عمليتان مستمرتان منذ ما قبل الانفجار العظيم والى ما بعده حتى يرث الله عز وجل الارض وما عليها, فما اتحاد جسيمات الماده (الكواركات) مع الروابط (الجالونات) لانتاج انويه الهيدرجين في بدايه الدقائق الاولى على الانفجار العظيم ما هي الا صوره من صور " الرتق" , وعمليه الاندماج الننوي لذره الهيدرجين هي في الواقع صوره من صور " الفتق" (خساره نيوترون) وهي في نفس الوقت صوره من صور " الرتق " (اكتساب اليكترونات وبروتونات) وهكذا دواليك في مجمل التفاعلات الكونيه.

[*]             المعارج طبقا لنظريه "الكينونة" للمؤلف, هي المسارات واحداثيات الحركة الكونية والذرية للأجسام (الذرية والدون ذرية) والاجرام والكواكب والنجوم ومجراتها والتي تأخذ شكل انحناء في الزمان والمكان نتيجه تفاعلات وتأثير طاقه القوى الكونية الأربعة في الكون المدرك على تلك الاجسام.

 المعارج في اللغة: هي جمع مِعْرج ومِعراج ومصدره عرج: عَرَجَ في الدَرجة والسلَّم يَعْرُج عُروجاً، إذا ارْتَقى وصعد. وعَرَجَ أيضاً، إذا أصابه شيء في رجله فَخَمَع ومشى مشْيةَ غير مستقيمه, وعَرَّج البناءِ تَعْريجاً، أي ميَّله فتَعرَّج, وانْعَرَجَ الشيء، أي انْعَطَف  ( معجم الصحاح) وفي اللغة ايضا: "تعارج حاكى مشية الأعرج وعرَّجه ميَّله وتعرَّج مال والتعاريج المنحنيات والعرجون العذق المعوج"كقوله تعالى "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ" [السجدة – ايه 5]

[**]            جون كارسون لينوكس هو عالم رياضيات وفيلسوف بريطاني بالعلوم و هو أستاذ الرياضيات في جامعة أكسفورد. وزميل في لجنه  الرياضيات وفلسفة العلوم في كلية تمبلتون بجامعة أكسفورد. وهو أيضا مستشار الرعوية  لكلية تمبلتون وزميل قاعة يكليف. وهو صوت بارز في العلاقة بين العلم والدين.

(10)      عالم فيزياء ألماني، يعتبر مؤسس نظرية الكم، وأحد أهم فيزيائيّ القرن العشرين. تعبر مقاييس بلانك Planck skala عن حدود طبيعية صغرى للزمن والمسافة ، وتفترض عدم وجود ما هو أصغر منها. ويستخدم العلماء تلك الحدود في دراستهم للفيزياء.  وعلى مسافة مقاربة من مسافة بلانك (10−35 متر) لا يمكن وصف الطبيعة إلا بميكانيكا الكم ، ويُعتقد أن تفسير الجاذبية وخاصية الثقالة سوف يتم باشراك نظرية الكم . وأعظم إنجازات القرن العشرين هو تطور علم ميكانيكا الكم، بل انه أكثر خطورة من نظرية النسبية التي اكتشفها اينشتاين. فنظرية ثابت بلانك كان لها دور خطير في نظريات الإشعاع، وفي كثير من النظريات الفيزيائية. وكان لهل أثر كبير في نظرية بناء النواة، وفي مبدأ عدم اليقين عند هيزنبرج، وفي كثير من النظريات العلمية. و بلانك هو أبو نظرية الكم. وان كان دوره متواضعاً في التطورات والتعديلات التي ادخلت على نظريته. وبالنسبة للزمن : فترة بلانك هي الفترة الزمنية التي يعبر فيها الضوء مسافة بلانك, اي: ثانية ~ 10 -43

(**)          في النصف الأول من القرن العشرين كان الفيزيائي الإنجليزي روبرت ديراك يقوم بفحص المعادلات الخاصة بالالكترونات الذرية وأثناء ذلك اكتشف أن المعادلات الإلكترونية لها دائما حلان وليس حلا واحدا مما جعله يشكك في صحة الطرق الرياضية التي استخدمها .. ولكن بعد المراجعة والتدقيق اكتشف أن الحل الأول يتعلق بالإلكترونات السالبة (المعروفة) والثاني بجسيم مماثل (مجهول الهوية) يملك شحنة موجبة (يمكن القول إنه يمثل نسخته في المرآة) . وبعد سنوات من أعمال ديراك تم اكتشاف آثار الجسيم المجهول وأطلق عليه اسم مضاد الإلكترون  Antielectronأو Positron)) . واود ان أشير هنا إلى أن العالم الباكستاني محمد عبد السلام حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979نظير بحثه عن القرائن الفيزيائية .. وحين سئل عن مصدر إلهامه واصراره على البحث في هذا المجال أشار إلى الآية الكريمة :" وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" .   [الذاريات - ايه 49], (تسميه مضاد الماده بقرين تسميه خاطئه لوجود كلا من المضاد والقرين كصور مختلفه للماده طبقا لنظريه "الكينونه" للمؤلف)

(****)         لقد غاب عن مجمل النظريات التي بحثت في نشوء الكون ومن ضمنها نظريه الانفجار العظيم البحث في كيفيه نشوء الفراغ الكمومي (فضاء الحدث) ك "مكان" حصل عنده وفيه الانفجار العظيم , اذ لا يمكن حدوث هذا الانفجار في "اللامكان" او في العدم وهذا الامر قد فسرته نظريه "الكينونه" للمؤلف وبينت نظريا كيفيه احتمال نشوء هذا الفضاء كنتاج لعمليتي "الرتق" و"الفتق" السابقتين لحظيا لظاهره الانفجار العظيم, وهذا الفضاء كان ضروريا لاحتواء نتاج الانفجار العظيم ونمذجتها وإتزانها في فراغ كمومي ليصبح هذا الفضاء نتيجه لقابليته اللامحدوده للتوسع سبعه سماوات طباقا بما تحتوي عليه من ملايين المجرات وعناقيد المجرات والنجوم والكواكب والطاقه والماده وما الى ذلك من خلقه سبحانه وتعالى. ونلاحظ هنا ان هذا الفراغ الكمومي (فضاء الحدث) هو "مكان" حدوث ظاهره الانفجار العظيم, اي ان المكان قد وجد لحظيا قبل الزمان تبعا لزمن "بلانك"

(11)        اسميت النظريه بنظريه " الكينونه: Being" نسبه الى قوله تعالى :"إنَّما أمرُهُ إذا أرادَ شيئًا أن يقولَ لَهُ كُنْ فَيَكون".   [يس - ايه 82] , حيث ان الخلق ابتدأ بمشيئته سبحانه وتعالى وطبقا لما اراده وفي حدود ما قدره سبحانه وتعالى في كتابه المحفوظ قبل ان يخلق هذا الكون و بمن فيه.

لقد قسم العلماء مراحل نشوء الكون الى فترتين زمنيتين اساسيتين, الاولى قبل "لحظه الصفر" من فتره بلانك (10) (عند حدود الصفر المطلق) وهي فتره مبهمة  وغامضه لديهم ولا تنطبق عليها اي من القوانين الكونية الحالية, شامله لجميع قوانين الفيزياء والرياضيات, لان تلك القوانين لم تكن قد خلقت أو وجدت بعد,  فنسبيه الزمن (النسبية الخاصة) لأينشتاين لا يمكن ان تنطبق على الحدث خلال حقبه "لحظه الصفر" (ما قبل الانفجار العظيم)  لعدم وجود الزمن أو المكان بحسب رؤيا اينيشتين, اضافه الى ذلك فان اي صوره من صور الماده التي كان من الممكن ان تخضع لتلك القوانين لم تخلق او توجد إلا بعد ابتداء الزمن من فتره بلانك (بعد حدث الانفجار العظيم)  , فلذا فانه من غير المنطق ومن العبث البحث في حاله ما قبل " فتره بلانك " (لحظه الصفر) عن طريق تطبيق هذه القوانين على الحدث عند تلك الفترة.

 

اما الفترة الثانيه والتي بدأت بفتره بلانك (بعد الانفجار العظيم ) فهي قابله للخضوع لتلك القوانين الفيزيائية والرياضية لتوفر العناصر والشروط اللازمة في الماده الكونية لكي تخضع لتلك القوانين, لان تلك القوانين وجدت بالتزامن مع تلك الماده الكونية في سياق تلك الفترة.   

إذن لا بد من وجود "حدث " ما ملامس  لحقبه " لحظه الصفر" (ما قبل الانفجار العظيم) ترتبت عليه اسس عمليه خلق جميع ما في الكون من اشكال الماده ومضاد الماده اضافه الى قرين الماده (**) والطاقة وقوى الجاذبية والاشعاع والزمان والمكان (الزمكان) والى مجمل ما في الكون من القوانين الكونية التي تحكم العلاقة ما بين مكونات الكون والقوانين المسخرة الناتجة عن خلق الكون وفي حدود ما قدره الله سبحانه وتعالى لهذا الكون كبناء محكم  كامل البنيه بدون زياده او نقصان في مكوناته التي قدرها الله سبحانه له وقبل خلقه في كتاب الله. وهذا الحدث لحقبه "لحظه الصفر" وما تلاها من احداث, اجتهدت وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى وعلى قدر استطاعتي بان اصيغه كجزأ من نظريه علميه أسميتها  ("بالكينونه" : (Being (11) قد تساهم في تفسير ما لم تستطع النظريات الحالية تفسيره.للمزيد اقرأ كتاب المؤلف " كينونه الخلق "

 

ملخص نظريه " الكينونه "

ما قبل حدث الانفجار العظيم

 

  • حقبه ما قبل خلق الزمن: تمثلت بخلق " الباديء " وحاضنته وبما اوحى الله سبحانه وتعالى فيهما من لبنات وآليات لخلق هذا الكون ليكون كونا يعكس كمال الخالق وقدرته ومشيئته وتقديره ليصبح كونا محكم البناء ومعجزا في التوازن والاتزان

  • حقبتي "الرتق" و "الفتق" الاصغر : هما حقبتان متتاليتان حدثتا لحظيا (لإن الزمن لم يخلق بعد) وبالتتابع عند الجزء الاول للثانيه الاولى ملامسه لحدث " الانفتاق العظيم " الذي تلا عمليه الفتق الاصغر مباشره ملامسا لحدث الانفجار العظيم, واستمر فعل واثر كلا من عمليتي "الرتق" والفتق" على مجمل الاحداث الكونيه التي تلت ظاهره "الانفجار العظيم", حيث ان كل الاحداث الكونيه التي تلت تلك الظاهره مباشره كانت خاضعه لعمليتي " الرتق " و "الفتق" , فاتحاد الكواركات مع الروابط (الجولونات) هي عمليه "رتق" , وعمليه الاندماج النووي لعنصر الهيدرجين عند تحوله الى عنصر الهيليوم هي عمليه " فتق " بالنسبه الى الهيدرجين (خسر اليكترون وبروتون وفوتونات) وهي في نفس الوقت عمليه "رتق" بالنسبه الى الهيليوم (اكتسب بروتونات ونيوترونات) وهكذا دواليك بالنسبه للظواهر والاحداث الكونيه الاخرى في الكون المخلوق, وهذا الامر يفسره لنا سبحانه وتعالى بقوله: " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا " , حيث اننا قد نفهم من هذه الايه الكريمه مدلولان:

 

  1. المدلول الاول: ان عمليتي "الرتق" و "الفتق "  قد تخص الاحداث الكونيه من رتق وفتق خلال تنمذج السماوات والارض بعد حدث الانفجار العظيم لاننا نلاحظ ان الرتق والفتق هنا قد نسبتا في هذه الايه  للسماوات والارض كنتاج نهائي لحدث الاستواء على السماء وهي دخان  ولم تقل هذه الآيه " أن السماء (بدلا عن السماوات) والارض كانتا رتقا ففتقناهما" لان السماوات قد سويت الى سبعه سماوات بعد خلق السماء الاولى ( الدنيا) وذلك بالاستواء على السماء الاولى وهي دخان. 

  2. المدلول الثاني : وهو الاصح:  بان يكون المقصود بعمليتي "الرتق" و "الفتق " هو للجرم الذي بدأ عنده خلق السماوات والارض بهدف تفعيله وإحياءه تنفيذا للمشيئه اللاهيه "كن" , وطبفا لسنه الله و آليات الخلق التي استنها سبحانه عند جميع خلقه (بذره أو بويضه فجنين فخلق آخر) فخلقت السماء الاولى نتيجه لحدث "الانفجار العظيم" امتدادا لهذا "الرتق" وامتدادا لهذا " الفتق " بشقيه (الاصغر والعظيم) واستمرارا لاثرهما,  ومن ثم سويت السماء الاولى الى سبعه سماوات عند حدث الاستواء على السماء وهي دخان. 

 

  • حقبه " الرتق " : وهي الحقبه التي ابتدأت ملامسه للحظه الصفر قبل الانفجار العظيم واستمر اثرها وفعلها في الاحداث الكونيه بعد هذا الانفجار: تمثلت بدايه بعد خلق " الباديء " برتق مكونات هذا " الباديء " مع حاضنته بهدف تحفيز آليات التفاعل عند هذا الباديء ليشكلا معا البذره التي حملت " شيفرات " و" مخطط بناء " هذا الكون وآليات خلقه تدرجا خلقا من بعد خلق.

  • حقبه " الفتق " الاصغر : وهي الحقبه التي بدأت ملامسه لفتره بلانك عند بدايه الجزء الثاني من الثانية الأولى ما قبل حدث "الانفتاق العظيم" (1)  والذي نتج عنه مباشره "حدث الانفجار العظيم ", واستمر اثر هذا الفتق وفعله في الاحداث الكونيه  بعد ذلك , حيث تمثلت عمليه الفتق هذه بفتق بعض من مكونات البذره الكونيه وتخليق جسيمات الماده البادئه وجسيمات الجاذبيه والجاذبيه المضاده اضافه الى تخليق " فضاء الحدث" (****) وهو المكان الذي حدث عنده "الانفتاق العظيم" و حدث الانفجار العظيم في بدايه الجزأ الثاني من الثانيه الاولى التي تلت عمليه تخليق الماده الابتدائيه وجسيمات الجاذبيه بنوعيها السالب والموجب.

  • حقبه الانفتاق العظيم و حدث الانفجار العظيم: وهي الحقبه التي بدأت لحظيا بعد انتهاء عمليه الرتق و عمليه الفتق الاصغر وعند الجزء الثاني للثانيه الاولى تبعا لتقسيمات بلانك وبدأ عندها انفتاق ضخم فجائي لمجمل مكونات "جرم الماده البادئه" بسبب الانهيار المفاجيء للقوى البينيه المشكله لسطح هذا الجرم مما ترتب عليه تحرر جسيمات الجرم  وانطلاقها في فضاء الحدث مما تسبب في حصول ظاهره الانفجار العظيم نتيجه للتفاعلات العنيفه الفجائيه لجسيمات الماده الاوليه  للجرم مع جسيمات الطاقه وجسيمات الماده المظلمه المتنمذجه في فضاء الحدث, عندها بدأ فضاء الحدث بالتوسع الفجائي تحت سيطره قوى الجاذبيه الموحده و تحت سيطره الطاقه والماده السوداء واللتان عملتا على توازن انتشار جسيمات الماده وعدم تشتتها . في نفس الوقت  تنَمْذُج الزمكان (الزمان والمكان) (****)  بمفهوم آينشتين حيث انفتقت لبنات الماده الاوليه على صوره فوتونات وكواركات تحت تأثير قوه موحده كونيه قبل تمايزها الى اربع قوى رئيسيه في مراحل تتابع الخلق اللاحقه, اضافه الى ارتفاع شديد في حراره فضاء الحدث نتيجه لهذا الانفجار.

  • حقبه بدايه خلق الماده : والمتمثله بتخليق انويه العناصر الخفيفه كالهيدرجين والهيليوم نتيجه لاتحاد الكواركات مع "الروابط الجالونات" (ظاهره رتق اللبنات الاساسيه) وفي هذه الحقبه تمايزت القوه الكونيه الموحده الى الاربع قوى الرئيسيه التي تحكم التوازن في الكون وهي تتمثل بالقوى النووية الضعيفة, والقوى النووية الشديدة و القوة الكهرومغناطيسية (وهي عبارة عن قوتين مندمجتين وهما الكهربائية والمغناطيسية) وقوة الثقالة أو الجاذبية الكونية.

  • الحقبات اللاحقه: والتي توالت متتابعه خلقا من بعد خلق (رتقا وفتقا) (5) وكما شرحناها في كتابنا " كيف بدأ الخلق" الجزأ الاول , وتبعا لما استنه الله سبحانه وتعالى وتبعا لمشيئته حتى اصبح الكون بناء محكما متوازنا ومحفوظا بقدرته عز وجل حتى يرث الله سبحانه وتعالى الارض والسماوات ومن فيهن.

 

تنويه: كان الهدف من عمليه "الانفتاق العظيم" لمكونات جرم لماده البادئه هو اطلاق وتحرير تلك المكونات من جسيمات الماده الاوليه خارج جدار الجرم لتتفاعل مع مكونات فضاء الحدث من جسيمات الطاقه وجسيمات الماده المظلمه, وهذا التفاعل الفجائي العنيف ترتب عليه حدث الانفجار العظيم بدأ من بدايه الجزء الثاني للثانيه الاولى حسب تقسيمات بلانك , فالانفتاق وحده دون حصول الانفجار لن يكون كافيا لان يولد الطاقه والحراره اللازمتان لتحويل وتخليق جسيمات الماده الاوليه الى  الكواركات واللبتونات والنيوترونات وما الى ذلك , فبدون توافر حراره كافيه لذلك التحول لانهارت الماده البادئه على نفسها مره أخرى بعمليه "رتق" متسلسله أخرى نتيجه لتأثير قوى جسيمات الماده المظلمه وجسيمات الطاقه,   اضافه الى ذلك ما كان للتوسع الكوني ان يحدث بدون هذا الانفجار, فهذا التوسع الكوني كان ضروريا  لانتشار جسيمات الماده المخلقه في فضاء الحدث المتوسع نتيجه لهذا الانفجار وبعيدا عن مركزه , وبعباره أخرى ما كان للكون ان يخلق دون ألانفتاق العظيم من جهه والذي تسبب في اشعال فتيل الانفجار العظيم (ان صح التعبير), وما كان الكون سيخلق دون حدوث الانفجار العظيم من جهه أخرى ..... والله اعلم واهدى.

 

" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ "

 

" قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " صدق الله العظيم

" مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا [الكهف- ايه 51]

إن الفكر المادي والالحادي والخواء الروحي كان السمه السائده عند غالبيه العلماء في نهايه القرن التاسع عشر وحتى اواخر القرن العشرين والذي كان حائلا دون الوصول الى الحقيقه الجوهرية  في اصل نشؤ الكون... فالدين كان في مفهومهم عاجزا عن مواكبه هذا الكم الهائل من العلوم ويتعارض معها من وجهه نظرهم الماديه, فتفشى الفكر الملحد واستبدل الدين بالأعجاب بالذات.    أن الديانات السماوية (الاسلام, المسيحية واليهودية) في اصولها تنهل من منبع واحد هو الله الواحد الخالق المبدع, وان كانت الكتب السماوية التي سبقت القران الكريم لم تأت بحقائق علميه صريحه ومباشره لتفسير ذلك الكم الهائل من الحقائق او المعطيات العلميه , فان ذلك لا يبرر ذلك الفكر الملحد الكافر بوجود الله الواحد القادر المدبر, لان الآيات والظواهر العلميه التي جرًبها هؤلاء العلماء كانت ستقودهم الى دين الفطرة وبان لهذا الكون خالق مدبر قاهر فوق عباده يجب ان يخشوه " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ " [فاطر- ايه 28] , وها هو اعظم علماء عصره البيرت اينشتاين الذي قضى جل عمره ملحدا كافرا بوجود الله سبحانه وتعالى يلخص لنا بصوره بديعه كيف عرف الله عز وجل, يقول أينشتاين: أن اعظم جائشه من جائشات النفس واجملها تلك التي تستشعرها النفس عند الوقوف في خشوع وروعه امام هذا الإخفاء والإظلام الكوني المبهر, ان الذي لا تجيش نفسه ولا تتحرك عاطفته لهذا كميت بلا روح, انه إخفاء لا نستطيع ان نفك حجبه وإظلام لا نقدر ان نطلع فجره ومع ذلك فاننا ندرك بالفطرة ان وراءه شيئا هو الحكمة كأعظم ما تكون, وان وراءه شيئا هو الجمال...أجمل ما يكون , وهي حكمه , وهو جمال لا تستطيع ان تدركهما عقولنا القاصرة الا في صور بدائية مبهمة. 

 

وهذا الاحساس بالجمال وفي روعه المشهد, هو جوهر التعبد عند الخلائق, ان الشعور الديني الذي يستشعره العالم والباحث في علوم الكون هو اقوى وانبل حافز على البحث العلمي, ان ديني هو اعجابي في تواضع بتلك الروح السامية التي لا حد لها, تلك التي تتراءى في التفاصيل الصغيرة القليلة التي لا تستطيع ادراكها عقولنا الضعيفة العاجزة, وهو ايماني العميق بوجود قدره عاقله مهيمنه ومقتدرة تتراءى حيثما ذهبت ابصارنا وعقولنا في هذا الكون المعجز للإفهام والفهم, وان هذا يؤلف عندي معنى الايمان بوجود الله." (**)  

 

هذه الكلمات البليغة الرائعة تعكس ما جاش في نفس هذا العالم الفذ عندما استشعر روعه هذا الكون الشاسع بمئات مليارات مجراته وبنظامه المحكم, والذي لا يمكن ان يكون للصدفة دور في وجوده او دور في ايجاده. 

 

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page