top of page

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه اجمعين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، وأخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات يا ارحم الرحمين.

 

استهل هذا البحث بقوله عز وجل: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [فصلت: آيه 53], لقد ارسل الله عز وجل جميع رسله قبل سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام مؤيدين بمعجزات اغلبها معجزات حسيه ملموسه تلائم عصر كل نبي ورسول لتكون له معجزه امام المكابرين من قومه, فلقد اعطى الله لسيدنا ابراهيم معجزه احياء الطير وأراه ملكوت السماوات والارض كقوله تعالى: " وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ " [الانعام: آيه 75] , كذلك منح الله عز وجل سيدنا موسى معجزات حسيه امام فرعون وامام قومه من بني اسرائيل كمعجزه العصى واليد البيضاء وفلق البحر وتفجير العيون واحياء الموتى و آيات أخرى, واعطى سبحانه سيدنا عيسى معجزه احياء الموتى وابراء المرضى من البرص والعمى وما الى ذلك كما جاء بقوله سبحانه: " وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" [ آل عمران: آيه 49],  وجميع تلك المعجزات كانت معجزات حسيه وبمشيئه الله وبأذنه وهي معجزات لزمنها فقط ولا تتعداه.

 

لقد ميّز الله عز وجل سيدنا محمد عليه وعلى آله الصلاه والسلام عن باقي الانبياء والرسل بان ايده سبحان بمعجزه خالده ممثله بكتاب الله "القرآن" وهي معجزه باقيه الى ما شاء الله تتحدى جميع البشر في اي زمان ومكان بما يحويه هذا "الكتاب المعجز" بين جنباته من آيات معجزات, ومن هذه الآيات ألآيات الكونيه التي ما كان لاحد من البشر ان يعلم كنه أو مدلول بعضا منها قبل قرن ونصف من الزمان وما كان لاحد من البشر ان يستشف بعضها الآخر في يومنا هذا رغم ما قد وصل اليه العلم من تقدم , فالقرآن الكريم حوى بين جنباته اكثر من ألف من تلك الآيات الكونية التي تشهد لهذا القران بانه وحي إلآهي يستحيل ان يكون من صنع البشر. 

 

لقد اهمل جُلَّ علماء المسلمين الجانب العلمي في القرآن الكريم‏,‏ وتركزت جهودهم علي الجوانب البيانية والفقهية فقط حيث ألف هؤلاء العلماء عشرات الألوف من الكتب في علم الفقه‏ وعلم الفرائض,‏ وعلم الفقه والفرائض هذا ليس له في القرآن إلا آيات قلائل معدوده لاتصل إلي اكثر من مائة وخمسين آية ؟ , فكثر التأليف في علم الفقه والفرائض والذي كان في اغلبه جدلا وتكرار للقضايا الفقهيه التي جاءت في كتاب الله والتي ادخل في بعض منها استنباطات كثيره من الاسرائيليات عن قصد او عن غير قصد‏,‏ في نفس الوقت قل جهد هؤلاء العلماء في البحث في الايات الكونيه والعلميه و التي لا تكاد تخلو منها سورة  من سور القران الكريم‏ !,  رغما عن أن كثيرا من العلماء المسلمين ظل مؤمنا بأن الإشارات الكونية التي جاءت في كتاب الله المتعلقة بخلق هذا الكون علي إجمالها تبقي بيانا من الله‏,‏ خالق هذا الكون ومبدع هذا الوجود‏,‏ ومن ثم فهي حق مطلق‏,‏ وصورة من صور الإعجاز في كتاب الله ـ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ وان ذلك قد لا يتضح إلا للراسخين في العلم من المتخصصين في مختلف مجالات العلوم البحتة والتطبيقية ‏(‏ كل في حقل تخصصه‏),‏ وحتى هؤلاء يظل يتسع إدراكهم لذلك الإعجاز باتساع دائرة المعرفة الإنسانية جيلا بعد جيل‏,‏ وعصرا بعد عصر‏,‏ مصداقا لقول الحق تبارك وتعالي‏:‏ " إِنْ هُوَ إلاّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمينْ‏*‏ وَلِتَعْلَمُنَ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينْ" [‏ ص‏:87‏ و‏88]‏ , ولقول رسول الله‏ صلي الله عليه وعلى آله وسلم‏ ‏ في وصفه للقرآن الكريم بأنه " لا تنقضي عجائبه‏,‏ ولا يخلق من كَثرةِ الْرََد‏." ‏

 

فآيات العلوم الكونيه في القرآن الكريم هي آيات تشير إلى حقائق لم تكن معروفة على عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعلى عهد من سبقه من الامم والحضارات، والملاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يشرح هذه الآيات شرحا وافيا يبين عمق معناها , فلو قام النبي بشرحها شرحا وافيا مؤيدا بالوحي لانكرها عليه المشركون والفاسقون ولشككوا في رساله سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام لانهم  لن يستطيعوا فهم مدلولاتها ولن تتقبلها عقولهم القاصره  , لذا كان شرحه عليه السلام لبعض تلك الآيات  مبسطاً (*) يتناسب مع فهم وادراك وعقول قومه في ذلك الزمن، فتُركت هذه الآيات كإعجاز لهذا القرآن، وكشهادة من الله لمحمد عليه الصلاة والسلام بانه نبيه ورسوله وبأن هذا الكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وسنوجز في ما يلي بعضا من تلك المعجزات والتي سنقوم بعون الله تفسيرها تفسيرا علميا بعيدا عن انماط التفسير اللغوي المتوارثه:

 

 

 

 

" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ " [البقرة: آيه 164]

(*)          في تفسيرالصحابه رضوان الله عليهم لما استشفوه من اقوال سيدنا محمد لما جاء بالآيه الكريمه: " وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ " [الحجر: آيه 22] , هو أن المقصود بالرياح بانها لواقح كما وصفها به جل ثناؤه من صفتها، وإن كانت قد تلقح السحاب والأشجار فهي لاقحة ملقحة، ولقحها: حملها الماء، وإلقاحها السحاب والشجر: عملها فيه". وهذا التفسير لامس بعض الحقيقه وهو تفسير مقبول عقليا عند العرب في زمنه, اما لو كان هذا التفسير اكثر شمولا لقلنا في خاصيه التلقيح عند الرياح بانها تحمل وتنقل جراثيم ميكروسكوبيه لا ترى في العين المجرده يساعد انتقالها من مكان الى مكان آخر على تكاثرها, ولو بينا طريقه تلقيح الرياح للغيوم تفصيلا وبتفسير اشمل كما نعلمه اليوم وهو ان ااتلقيح بواسطه الرياح يتم من خلال سوق الرياح للغيوم التي تحمل الشحنات السالبه لكي تتلاقى مع الغيوم التي تحمل الشحنات الموجبه حيث يؤلف الله عز وحل بينهما حتى ينزل هذا المطر من الغيوم الملقحه (المؤلف بينها) كما جاء في قوله عز وجل: " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ " [النور: آيه 43] , لما فهم العرب ذلك ولاعتبروا هذا التفسير ضربا من السحر والشعوذه.

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page