يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ " [النور:آيه 43] , يبين لنا الله سبحانه وتعالى في هذه الايه الكريمه احدى الآيات الارضيه المعجزه والتي ما كان لاحد من البشر استشفاف حقيقتها وحتى زمن قريب لا يزيد عن مئه عاما (*) , وهو ما يشهد لهذا القرآن اعجازه وبانه كتاب الله المنزل على خاتم انبياءه سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام.
" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ " [النور:آيه 43]
(*) عندما اكتشف الرادار خلال الحرب العالميه الثانيه أستخدم العلماء الرادار في أعقاب الحرب , لدراسه ظاهره تشكل السحب, حيث تبين لهم أن السحب إنما تبدأ على هيئة عدة خلايا أو وحدات من السحب التي تثيرها تيارات الهواء فتتوحد وتكون انواع السحب المختلفه ومنها السحب الركامية.
(**) السحب الركامية أو الركام المزني: يعرف في لسان العرب باسم الصيب، وهي سحب شديدة الكثافة والضخامة لها امتداد رأسي كبير، بإمكانها أن تمتدّ من سطح الأرض إلى نهاية طبقة التروبوسفير، مظهرها يشبه مظهر الجبال وغالبا ما يكون جزؤها العلوّي متفلطحا بشكل سندان. تتركب من قطرات مائية وبلورات ثلجية ويكون التهاطل على شكل زخات شديدة من المطر أو الثلج أو البرد ويندر ان يهطل البرد من سواها. وهي أشهر أنواع السحب وأكثرها قوة وتحمل في داخلها قوة ديناميكية هوائية خارقة بإمكانها الإطباق على جناحي طائرة ركاب، كما تحمل في باطنها أكثر الشحنات الكهربائية وأكثرها قوة وبإمكان شرارة برق صادرة منها أن تمد مدينة بالكامل بالكهرباء، وهي السحابة الوحيدة التي تتميز بشكلها المهيب والمخيف، وهذا النوع من السحب يتميز بقربه من سطح الأرض وعلو قمته، فنمو القمة مستمر حتى تصطدم بطبقة الغلاف الجوي الأولى، فتنحرف القمة لتتمدد بشكل جانبي، حتى يتم ما يسمى بـ:السندان.
(***) متوسط الصاعقة التي تضرب محملة بالشحنات السالبة هو 30 كيلو أمبير (الامبير هو وحده قياس شده التيار الكهربائي) ، وتنقل ماقيمته خمسة كولومات و 500 جول من الطاقة. اما الصواقع الشديدة للبرق فمن الممكن أن تحمل ما قيمته 120 كيلو أمبير و 350 كولوم. فالجهد الكهربائي يتناسب عكسيا مع طول الصاعقة, أما متوسط الصاعقة التي تضرب محملة بالشحنات الموجبة، فانها من الممكن ان تحمل 300 كيلو أمبير من الطاقة الكهربائية، اي مايساوي عشرة أضعاف متوسط الصاعقة المحملة بالشحنات السالبة.

تعرّف السحابة أو الغيمة بانها عبارة عن تجمع مرئي لجزيئات دقيقة من الماء أو الجليد أو كليهما معا, يتراوح قطر هذه الجزيئات ما بين 1 إلى 100 ميكرون, تبدو هذه الغيوم سابحة في الجو على ارتفاعات مختلفة, وتحتوي اضافه الى بخار الماء والغبار الى كمية هائلة من الهواء الجاف ومواد غازيه أخرى وجزيئات صلبة منبعثة من الغازات الصناعية, وتلعب الشمس دورا مهما في تشكيل السحب بانواعها، فهي تعتبر المحرك الأساسي لدورة الماء، حيث تقوم بتسخين المحيطات التي يتحوّل جزءاً من مياهها من حالته السائلة إلى بخار، فتقوم التيارات الهوائية الصاعدة برفع بخار الماء إلى طبقات الغلاف الجوي العليا (حيث درجات الحرارة المنخفضة) فيتكاثف الهواء المشبّع ببخار الماء مكونا بذلك جزيائات الماء السائلة أو المتجمدة فتمتزج بذرات الغبار مشكلة بذلك السحب, حيث تصل درجة كثافة السحب عندها من 10 إلى حوالي 100 مرة أقل من درجة كثافة الهواء مما يجعلها تطفـــــــوا في
دوره المياه على الارض
السماء متحركه حركة دائمة بتأثير الرياح التي ستحمل وتسوق كتل بخار الماء المكونه للسحب ومهما كان حجمها او كتلتها الى انحاء مختلفه من الارض حيث ينزل منها ماءها مصداقا لقوله سبحانه وتعالى :" وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " [الاعراف:آيه 57] , ومن المعلوم ان السحاب يحمل تجمعات من جزيئات الماء ذات شحنات كهربائيه سالبه وشحنات كهربائيه موجبه نتيجه للتأين في الجو, ومن المعلوم ايضا بانه لا يمكن ان يتكثف ماء هذه السحب ليصبح قابلا للهطول على شكل مطر او برد او جليد دون ان يتم التآلف بين نوعي تجمعات جزيئات الماء ذات الشحنه الكهربائيه السالبه والموجبه وهو ما اشارت اليه الايه الكريمه بقوله سبحانه وتعالى " يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا " والتي يصبح عندها السحاب سحابا ركاميا (**) شديد الكثافه.
فالسحب الركامية تتميز بكثافتها وكبر حجمها وكتلتها وقد تمتد رأسياً إلى علو يصل الى خمسه عشر كيلومتراً أو أكثر، وبذلك تظهر لمن ينظر إليها عن بعد من الطائرات كالجبال الشاهقة المتراكمه كقوله سبحانه وتعالى " وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا ", وتتيح فرصة النمو للتلك التجمعات في الإتجاه الرأسي نشوء تلك السحب الركامية عديده المستويات عبر طبقات من الجو تختلف درجات حرارتها أختلافاً بيناً (ما بين +15 الى – 50 درجه مئويه) ، فتنشأ بذلك الدوامات الرأسية وتتولد حبيبات المياه وحبيبات البرد تبعا لدرجات الحراره في مستويات السحب الركاميه المختلفه.

من المثبت علميا ان السحاب الركامي هو السحاب الوحيد القادر على توليد حبيبات البرد الثلجية دون غيره من انواع السحاب الاخرى وكما بينته هذه الآيه الكريمه في قوله تعالى " ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ", وهذه حقيقة علمية بحد ذاتها تفسرها هذه الآية الكريمه, وقد يتم التآلف نتيحه اسطضام غيمتين مختلفتي الشحنه الكهربيه مما ينتج عنه ظاهره التفريغ الكهربي بينهما والمسماه بالبرق وهو ما اشارت اليه الآيه الكريمه بقوله عز وجل " يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ " ويعقب هذا البرق صوت متفجر نتيجه لهذا التفريغ وهو ما يسمى بالرعد ، والإثنان معاً يطلق عليهما اسم الصاعقة (***) . وتساقط المطر او البَرَدْ يكون وفق مشيئته سبحانه وتعالى، فتخليق جزيئات الماء او البَردْ في السحب لا يعني حتميه تساقط المطر او البَرَد من السحابة بمجرد تكونه، إذ ربما تحول التيارات الهوائيه الصاعد دون تساقطه في مكان معين حتى إذا ما ضعفت هذه التيارات هوى ماء المطر أو البرد على هيئة ركام أو على هيئه ثلج أو بَرَد حيث يريد له الخالق عز وجل، وهذا يفسر لنا المراد بقوله سبحانه: " فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ ", فسبحان الله احسن الخالقين.


تعقيب: من المعجزات العلميه الاخرى لهذه الآيه الكريمه, ان الله عز وجل قد سمّى حاله تجلد جزيئات المياه في طبقات الجو العليا بكلمه "البَرَدْ" كقوله سبحانه " مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ " ولم يسميه سبحانه وتعالى بكلمه "الثلج", لان الثلج صوره جليديه تنتج عن البَرَدْ, فالبَرَدْ هو الاصل الذي يكون عليه جزيء الماء عند تجلده, ونتيجه لسقوط حبات البَرَدْ من الارتفاعات الشاهقه بتأثير وزنها, ومرورها في طبقات جويه تتصادم فيها التيارات الهوائية الرطبة والدافئة مع التيارات الباردة التي تكون عند درجة حراره 12.5 تحت الصفر, حيث يتم في العادة بناء بلورة الثلج من البَرَد وتكون في هذه المرحلة عبارة عن صفيحة رقيقة ذات ستة اضلع, وعندما
تسقط هذه البلورة بسبب ازدياد وزنها ترتفع درجة حرارتها فيتكاثف عليها قدر أكبر من جزيئات الماء وهكذا تنمو حيث يتفرع من الصفيحة البلورية ست أذرع وفي درجات حرارة اعلى تذوب حواف البلورة قليلا وذلك لإتاحة الفرصة لهذه البلورات الالتصاق مع البلورات الأخرى وبهذا تتكون الصفيحة الثلجية القطنيه من البَرَد. فسبحان الله القائل عن كتابه الكريم " لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" [فصلت:آيه 42].
صوره للصواعق البرقيه الناتجه عن السحب الركاميه
صوره للكساء الثلجي
صوره لحبات البرد

السحب الركاميه
" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ " [النور:آيه 43]
موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

Email: mshahin@digimeters.com
الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او ا لنشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص
Last Update: April 2018
© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com