top of page

ان النظريات المختلفه التي تبحث في علوم الفيزياء الذريه وفيزياء الفلك  لم تستطع ان تفك طلاسم فتره ما قبل حدث الانفجار العظيم , اي ما وراء الزمن "لحظه الصفر" من فتره بلانك (***)  او ماهيه  المادة المظلمة ، او الطاقة المظلمة ، ولا عن كيفه حدوث الانفجار العظيم من العدم كما يدعي اغلب من جاء بتلك النظريات,  من جانب آخر, لم تستطع تلك النظريات ان تبين مصدر "مادة البناء الأساسية" التي ابتدأ عندها ذلك الانفجار العظيم  بحسب تلك النظريات رغم عن قناعتهم بان تلك الماده ليست سوى امتداد لشيء ما قبلها لم يستطيعوا ان يحددوا ماهيته او لمس حقيقته, لأنه وفي مفهوم العلم المادي الالحادي ليس للغيبيات او الافتراضات الغيبية مكان في قاموس العلم رغما عن ان اغلب النظريات الموضوعة بنيت على الظن قبل اثبات شذرات من بعضها علميا.

 

لما كانت الماده الاولى لا يمكن ان تأتي من عدم لان ذلك يناقض مفهوم العلم المادي الذي يؤمن به هؤلاء العلماء فلا بد لتلك الماده من مصدر,  و طبقا لما تنبأت به نظريه  الكينونه "  للمؤلف, فأن

الرتق والفتق
الرتق والفتق : حدثان وقعا قبل حدوث الانفجار العظيم
وتعاقب اثرهما بعد الانفجار العظيم

هذا المصدرعباره عن جرم ابتدائي مخلوق يسمى " بالباديء " والذي بدأ عنده الخلق بمجمله,   ولما كان ذلك المصدر (الباديء) لا يخضع للقوانين الفيزيائية والرياضية التي نتجت عنه عند حدث " الانفجار العظيم" , لذا فكان لا بد لهذا المصدر من ان تكون له قوانينه وشيفراته الخاصة به والتي يخضع لها ولا تشابه في طبيعتها اي من القوانين المخلوقة التي نتجت عنه كمحصله  لمرحله ما بعد حدث " الانفجار العظيم"  .

 

تتنبأ  نظريه "الكينونه" للمؤلف, أن القوانين الفيزيائية والرياضية وقوانين الجاذبيه والطاقه والزمان والمكان وما الى ذلك, والتي نشأت كمحصله للانفجار العظيم ما هي الا قوانين ترتبت كنتائج لتنفيذ " البادئ " للأوامر والهياكل المبرمجة (الموحاه) والتي سنّها الخالق سبحانه وتعالى لذلك المصدر" البادئ " وفي حدود مشيئته سبحانه, فالبادئ في تصور نظريه " الكينونه " ما هو الا جرم مخلوق لا يخضع في تكوينه وصفاته لأي من القوانين الفيزيائية أو الرياضية المخلوقة التي نتجت عنه, وهو في تكوينه وبنيته يحمل " مخطط بناء " الكون و " شيفراته "  وهو في تكوينه يمثل لبنات جميع ما في الكون من اشكال " الماده " و" مضاد الماده "  والطاقة وقوى الجاذبية والاشعاع والزمان والمكان اضافه الى اسس  وصيغ مجمل القوانين الكونية التي سوف تحكم العلاقة ما بين مكونات الكون اضافه الى القوانين المسخرة الناتجة عن خلق الكون كالقوانين الرياضيه والفيزيائيه وما يتعلق بها من تطبيقات وصيغ وقوانين... وما الى ذلك, وفي حدود ما قدره الله سبحانه وتعالى لهذا الكون كبناء .محكم  كامل البنيه بدون زياده او نقصان في مكوناته التي قدرها الله سبحانه لهذا الكون قبل خلقه في كتاب الله .عز وجل

 

كما تتنبأ نظريه " الكينونة " ان هذا " الباديء " كان لا بد له ان  يتنمذج في كيان محدد مخلوق يسمى " ب " الرحم الحاضن" كمكان تتفاعل فيه مكوناته من خلال عمليتي " الرتق " و" الفتق " وذلك لان المكان بالمفهوم الفيزيائي لم يخلق الا بعد الثانيه الاولى على حدث الانفجار العظيم, وقد يصل حجم هذا الرحم الى حوالي 200 مليون مره حجم الجسيم المصدر " البادئ " (*), وكما قلنا سابقا فان  هذا " الباديء " كان يحمل " مخطط بناء " الكون, بما فيه من شيفرات ورموز و تجمعات من " شيفرات الماده الكونية " (**)  لجميع ما في الكون من اشكال " الماده " و" مضاد الماده " اضافه الى الطاقة بنوعيها الموجب والسالب وقوى الجاذبية والاشعاع والزمان والمكان والى شيفرات مجمل القوانين الفيزيائية والرياضية الكونية التي تحكم العلاقة ما بين مكونات الكون خلال جميع مراحل نشوءه وتنمذجه , اضافه الى شيفرات وصيغ القوانين المسخرة الناتجة عن خلق الكون والخاصه بميكانيكا الكم والجاذبيه الثقاليه بشقيها القوي والضعيف  وما الى ذلك  وفي حدود ما قدره الله سبحانه وتعالى لهذا الكون كبناء محكم  كامل البنيه بدون زياده او نقصان في مكوناته  او اختلال في القوانين التي تحكم تلك المكونات والتي قدرها له الله سبحانه قبل خلقه في كتاب الله.

(*)    استنادا الى الآية الكريمه " أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ۗ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ" [الروم- ايه 8] حيث ان الله سبحانه وتعالى قد قرن احدى الدلائل على خلق السموات والارض بالتفكر بذلك في انفسنا, فخلق الإنسان وطبقا لسنه الله في جميع خلقه يتم عن طريق رحم الانثى مما دعاني الى التفكر والبحث في مدلول هذه الآية الكريمه حيث وفقني الله سبحانه الى استنتاجي بان انسب تسميه لحاضنه البويضة الكونية "البادئ" لحقبه "اللازمن" ما قبل فترة بلانك هي "الرحم" لكون الخلق قد بدأ منه في ثلاث ظلمات هي: البويضة الكونية, وبلازما الماده المظلمة, وحدود جدار فراغ الرحم , فكيفيه الخلق التي استنها الله سبحانه في جميع خلقه واحده وان اختلفت نتائجها واهدافها  

(**)   شيفرات الماده الكونية طبقا لنظريه "الكينونة" للمؤلف : هي قاعدة بيانات المعلومات (ان صح التعبير) الخاصة بمورثات الجسيمات الاوليه الموجودة في "البادئ" على شكل جسيمات بدائية تتألف من ازواج من اشباه الشعيرات شبيهه بالجينات والتي تحمل مجموعة كاملة من الاوامر والتعليمات ومساراتها الترتيبية لعمليه خلق الكون بمجمله وكل حسب وظيفته, فعلى سبيل المثال, يتخصص احد الجسيمات او مجموعه منها بتخليق النموذج الخاص بجزأ من مكونات الكون الاوليه مثل الكواركات واضاداتها, كما قد تتخصص جسيمات اخرى بنمذجه الهياكل والانساق الخاصة بالتفاعلات الفيزيائية والرياضية التي تنظم العلاقة ما بين مكونات الكون كالجاذبية والزمكان وانحناء الزمكان (المعارج) وهكذا دواليك 

(***)    فتره بلانك: يصف الخط الزمني للانفجار العظيم الأحداث طبقا للنظرية الأكثر قبولا من قبل الفيزيائيين بشأن الانفجار العظيم. وطبقا للمشاهدات العملية يبدو أن الكون بدأ التكون منذ 13.7 مليار سنة. ومنذ ذلك الوقت يعتقد أن الكون مر بثلاثة مراحل في تكوينه. والجزء من تلك المراحل الذي لا زال غامضا وليس معروفا هو الجزء من الثانية الأولى بعد الانفجار وهي فترة كان فيها الكون شديد الحرارة بحيث كانت الجسيمات الأولية ذات طاقات عالية جدا تفوق ما وصلت إليه معجلات الجسيمات التي لدينا اليوم.  ولقد قسم بلانك الثانيه الاولى التي تلت الانفجار العظيم الى اقسام زمنيه سميت بفترة بلانك واللتي تغطي الفترة الزمنية من 10−43 إلى 10−35 ثانية بعد حدوث الانفجار العظيم، تنخفض درجة الحرارة خلال هذه الفترة من 1032 إلى 1027 كلفن.

الفتق والرتق

تتنبأ " الكينونه " ان  الرحم الحاضن للبويضه (الباديء)  يتكون من بلازما من جسيمات الماده المظلمة ألأوليه  والمؤلفة من جسيمات بادئة تسمى ب " النُطَف "  (*) بحسب نظريه " الكينونة " في كونها العامل المحفز والمفعِّل (الملقح ان صح التعبير) لمكونات البويضة " البادئ " , حيث تقوم تلك البلازما بتفعيل آليه عمل شيفرات الجسيمات البادئة (القسيمات البادئة أو الصبغات) في البويضة عند اختراقها لتلك البويضة بعمليه " الرتق "  نتيجه للضغط والجاذبية المضادة المتولدتان عن اللف المغزلي  للبويضة (البادئ),  حيث ستكتسب تلك البلازما خصائصها الفيزيائية  عند مرحله تحول البويضة الى الماده البادئة (البذرة الكونية)  والتي تبدأ عندها حقبه  ما قبل الانفجار العظيم وهي عمليه تسمى بعمليه " الفتق " الاصغر الذي سيكون له دوراً مركزياً في نمذجة تشكل البنية وتطور الماده لاحقا في ما بعد حقبه " لحظه الصفر" من فترة بلانك ، كما سيكون له الدور الاساس في تشكيل الماده والطاقة المظلمة بشقيها الموجب والسالب للكون الحالي اضافه الى دور "الفتق" الاصغر في تخليق ونمذجه النسيج الكوني (الحبكوالذي اساسه شبكه خيوط ومسارات الجاذبيه والجاذبيه المضاده اضافه الى المسارات التيكونيه للماده المظلمه, كما ان "الفتق" سيلعب دورا هاما في بناء " فضاء الحدث " كمكان يتم عنده حدث " الانفتاق العظيم " (1) والذي نتج عنه مباشره حدث "الانفجار العظيم"  وبعد الانتهاء اللحظي لعمليه " الرتق " وعمليه " الفتق " الاصغر وبلا زمن, حيث ان اغلب النظريات افترضت وجود هذا الفضاء دون ان تبين لنا مصدره وكيفيه نشوءه.

 

تستمر عمليه تفعيل وتحفيز مكونات " الباديء " بعمليه الانكماش و" الرتق" وذلك بضم مكونات جسيمات البيضة وجسيمات الرحم الحاضن بعضها الى بعض والمترتبه عن الضغط والحرارة  الهائلين, ويستمر هذا الانكماش والرتق حتى تصل البيضة ورحمها الحاضن بما تحتويه من جسيمات نشطه الى حجم تتكاثف فيه جميع المكونات المتفاعله عند درجات حراره هائلة مكونه جسيم اولي مستقر لحظيا بتأثير القوى المؤثره يسمى عندها طبقا لنظريه الكينونة " بالبذرة الكونية " ,وعند حدود بداية الزمن بحسب مقاييس بلانك, ومع تكون البذرة الكونية كماده بادئة  تبدأ عمليه " الفتق " الاصغر السابقه لحظيا لمرحله "الانفتاق العظيم" الذي نتج عنه مباشره حدث الانفجار العظيم.

 

تعقيب: طبقا لسنه الله تعالى التي استنها في خلقه بجعله سبحانه الموت سابق للحياه كقوله سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" [سورة الملك - الآية 1-2]  وبان جعل سبحانه الخلق يتم تدرجا طبقا لمشيئته , فكان لا بد لهذا " الباديء " المخلوق  ان يتدرج بالخلق بعمليتي " الرتق " و " الفتق " الملامستان لحدث "الانفتاق العظيم" (ملامس الانفجار العظيم) لكي يصبح هذا " الباديء " كما اراد الله سبحانه له ان يكون, جرما مفعّلا (بيضه ملقحه ان صح التعبير) تدب الحياه فيه وجاهزا لكي يبدأ عنده حدث "الانفتاق العظيم" (ملامسا لحدث الانفجار العظيم) (1) , طبقا لآليات الخلق التي استنها الله سبحانه في خلقه نلاحظ ان اي جنين ما كان له ان يخلق دون ان تلقح بويضه ذلك الجنين اولا ومن ثم التدرج في خلق هذا الجنين ثانيا, وهذه الصوره من صور الخلق تندرج على خلق كل شيء من خلقه سبحانه وتشهد على وحدانيته سبحانه.  و قد يسأل سائل :" أليس الله سبحانه وتعالى بقادر على خلق الكون مره واحده بان يقول له " كن"  "فيكون"؟ . نعم!, ان الله جلت قدرته بقادر على كل شيء, فالحكمة من خلق الكون بتسلسل تتابعي بعد اسباغ مشيئته سبحانه وتعالى المتمثلة بكلمه " كن" كأمر ببدأ خلق هذا الكون, ما هو الا منّة وفضلً من الخالق سبحانه وتعالى على خلقة, فلو شاء الله سبحانه وتعالى خلق الكون مره واحده بدون تتابع وبلحظه من لحظات قدرته سبحانه فلن يعجزه ذلك, ولترتب على ذلك الخلق عدم قدره المخلوق من البشر على فهم آليات هذا الخلق والتي شاء الله سبحانه وتعالى لهذا المخلوق ان يفهمها ويتعلمها كمسخرات له خلقت قبله, وليست مخلوقه معه في قالب واحد (والا انتفى شرط التسخير لاشتراك البشر بنفس شروط الخلق مع الكون كخلق واحد دون فصل بينهما) , فقوله تعالى" أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ" [سورة لقمان - الآية 20] , يبين لنا ان الله سبحانه وتعالى قد خلق السموات والارض بهدف تسخيرها لاحقا لمخلوقه من البشر عند خلقه وفي حدود ما سخر له من ذلك الخلق شاملا للعلوم التي علمها اياه الله سبحانه عند خلقه " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ "كُلَّهَا " وكل ذلك ما هو الا نعمه من نعم الله سبحانه وتعالى التي انعمها على خلقه " وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً " أن مشيئته سبحانه وتعالى قضت بخلق الكون بصورته الحالية السموات والارض) بتسلسل تتابعي بهدف إعطاء مخلوقه من) البشر الكيفية لفهم ذلك الخلق المسخّر له بالتدرج, ولكي يجهزه لما أنيط به من التكليف والاختيار, حيث أنه ومنذ ان خُلق الانسان كخليفه في الارض, تدرج هذا المخلوق في فهمه لمسخرات الخلق على مراحل رغما عن علمه المسبق بالأسماء كلها وبجميع مدلولاتها عند خلقه (أي علمه بجميع العلوم المسخرة), فالإنسان الاول من ذريه آدم (عليه السلام) استظهر تلك العلوم التي تعلمها عن تلك المسخرات بالتدرج وعلى فترات زمنيه متباعده وطبقا لتطور الفهم والادراك عنده, بدأ من اكتشاف النار والصيد والزراعة  والبناء والهندسه واستنان القوانين المنظمه لحياته على الارض وانتهاء بالعلوم الحالية من طب وهندسه وفلك وذره وفيزياء... وما الى ذلك الى ان يشاء الله.

 

فلو خُلِق الانسان مع الكون مره واحده, لما كان هنالك تدرج في آلية فهم وادراك أو استخدام  تلك المسخرات , وهذا لا يلبي الهدف من خلق السموات والارض وخلق الانسان والذي يتمثل بان يقوم هذا المخلوق بشكر الله سبحانه وتعالى لتفضيله على كثير من خلقه بقوله تعالى" وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ علىَ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا " [الكهف :ايه 17]  وذلك بعباده الله خالقه وخالق هذا الكون المسخّر له مصداقا لقوله تعالى" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  " [الذاريات :ايه 51]  , وبقبوله التكليف وحمل الأمانة التي انيط بها, كما في قوله تعالى : " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا " . [الأحزاب : ايه 72] انها أمانه الاختيار وامانه المسئوليه مصداقا للحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن عمر" كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ..........الحديث

 

فالسموات والأرض والجبال والكون وبما فيه ليست مخيرة مثل الإنسان بل هي لا تعصي أوامر الله بخضوعها المطلق للقوانين الكونية التي خلقها الله عليها ولا تخالفها, اما الانسان فعرضت عليه هذه الامانه متمثله في ان يكون المفضل في الكون على كثير من خلق الله كما جاء في قوله سبحانه وتعالى  " وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً " وما يستتبع هذا التفضيل من مسئوليات جسيمه تقع على هذا المخلوق, فحملها جاهلا بتبعاتها, لانه لو خلق مع الكون خلقا لحظيا, فسوف يأبى كالسموات وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ حمل هذه الامانه وسيشفق من حملها لانه سيعلم عندها ما يعنيه حمل هذه الامانه لاستشفافه لها عند خلقه مع الكون مره واحده,  وهو ظالم لنفسه, لانه بحمل هذه الامانه قد خضع لقانون الثواب والعقاب الالهي والذي من اجله تم خلق هذا الكون مسخرا لهذا المخلوق الجاهل لتلك الامانه والظالم لنفسه بحملها.

 

فالهدف من الخلق ممارسة المخلوق لما هداه الله سبحانه وتعالى اليه, كقوله عز وجل  " إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا " [الانسان : ايه 76], وهو قانون الثواب والعقاب الالهي, فمن عَبَد خالقه سبحانه مطيعا لاوامره ومتجنبا معصيته فقد شكر واثيب على ذلك باحسن مما شكر, ومن لم يعبد الله خالقه سبحانه ولم  يكن مطيعا لاوامره ولم يتجنب معصيته فقد كفر, واثيب على ذلك بمثل ما كفر, وهو قانون ابتلاء كقوله سبحانه " إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا "[الكهف: ايه 7] , فالكون المدرك بمليارات مجراته ونجومه وسياراته تشكر خالقها سبحانه وتعالى في كل لحظه باتباعها أوامر الله خاضعه للقوانين الكونية التي خلقها الله عليها ولا تخالفها ويسبحون الله الخالق الباريء بدون امر تكليف كما هو الحال عند البشر وباقي خلقه سبحانه.

 

ان الله سبحانه وتعالى عندما ارد بمشيئته خلق هذا الكون ابتدأ خلقه تعالى بكلمه " كن" وقبل ان يكون الزمان وقبل ان يكون المكان لان الله سبحانه وتعالى لا يحده زمان ولا مكان (***), فتتابعت عندها مراحل خلق هذا الكون استجابه لأمره ومشيئته سبحانه وتعالى خلقا من بعد خلق, ابتداء من حقبه ما قبل الزمان والمكان والمتمثله بمرحله "الرتق" ومن ثم مرحله " الفتق " الاصغر والفتق العظيم وانتهاء بحدث الانفجار العظيم (واللتان توالى اثرهما بعد هذا الانفجار) ومرورا بما بعد حقبه خلق الزمان والمكان (بدأ بفتره بلانك) وعلى مراحل زمنيه (بعد خلق الزمن) طبقا لإرادة الخالق عز وجل ومشيئته وكما بينتها القوانين الفيزيائية والرياضية المخلوقة المواكبة للحظه خلق الزمان والمكان, واثناء تسلسل الخلق تبعا لمشيئه خالقه جلت قدرته. 

 

وبعد خلق السماء الدنيا والارض  (حوالي 3-5 مليار سنه بعد الانفجار العظيم) وعندما كانت السماء سماء واحده (التي نتجت عن التوسع الكوني) مليئة ب " الدخان " (بلازما الهيدروجين والهيليوم والغبار الكوني) , تدخلت المشيئة الإلهية في تسلسل هذا الخلق وكما أخبرنا به سبحانه وتعالى جلت قدرته: " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [البقرة :ايه 29]  فقضى سبحانه بان تكون السماء الواحدة سبعه سموات طباقا, وهذا بمجمله يوضح التتابعية في الخلق والتي ابتدأت بلفظه "كن" والتي بدونها ما حصل الخلق وكما نراه اليوم والى ان يرثه خالقه عز وجل وتعود أموره بالمطلق الى الله سبحانه وتعالى مصداقا لقوله عز وجل " يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " .

 

فصور التتابع والتدرج في خلق هذا الكون وكما تنبأت بها نظريه " الكينونه ", جاءت وبعد ان اسبغ الله سبحانه وتعالى مشيئته بكلمه " كن " لتبدأ عندها مراحل :الخلق تتابعيا خلقا من بعد خلق والتي تمثلت اختصارا بما يلي :

 

  • حقبه ما قبل خلق الزمن: تمثلت بخلق " الباديء " وحاضنته وبما اوحى الله سبحانه وتعالى فيهما من لبنات وآليات لخلق هذا الكون, تلك الآليات التي تنظم عمل هذا الباديء اثناء التدرج في خلق الكون ليكون كونا يعكس كمال الخالق وقدرته ومشيئته وتقديره وليصبح كونا محكم البناء ومعجزا في التوازن والاتزان

  • حقبتي "الرتق" و "الفتق" الاصغر : هما حقبتان متتاليتان حدثتا لحظيا (لإن الزمن لم يكن قد خلق بعد) وبالتتابع عند الجزء الاول للثانيه الاولى ملامسه لحدث " الانفتاق العظيم " الذي تلا عمليه الفتق الاصغر مباشره ملامسا لحدث الانفجار العظيم, واستمر فعل واثر كلا من عمليتي "الرتق" والفتق" على مجمل الاحداث الكونيه التي تلت ظاهره "الانفجار العظيم", حيث اننا نلاحظ ان جميع الاحداث الكونيه التي تلت ظاهره " الانفجار العظيم " مباشره كانت خاضعه لعمليتي " الرتق " و "الفتق" واستمرار لهما, فاتحاد الكواركات مع الروابط (الجولونات) هي عمليه "رتق" , وعمليه الاندماج النووي لعنصر الهيدرجين عند تحوله الى عنصر الهيليوم هي عمليه " فتق " بالنسبه الى الهيدرجين (خسر اليكترون وبروتون وفوتونات) وهي في نفس الوقت عمليه "رتق" بالنسبه الى الهيليوم (اكتسب بروتونات ونيوترونات) وهكذا دواليك بالنسبه للظواهر والاحداث الكونيه الاخرى في الكون المخلوق, وهذا الامر يفسره لنا سبحانه وتعالى بقوله: " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا " , حيث اننا قد نفهم من هذه الايه الكريمه مدلولان:

 

  1. المدلول الاول: ان عمليتي "الرتق" و "الفتق "  قد تخص الاحداث الكونيه من رتق وفتق خلال تنمذج السماوات والارض بعد حدث الانفجار العظيم لاننا نلاحظ ان الرتق والفتق هنا قد نسبتا في هذه الايه  للسماوات والارض كنتاج نهائي لحدث الاستواء على السماء وهي دخان  ولم تقل هذه الآيه " أن السماء (بدلا عن السماوات) والارض كانتا رتقا ففتقناهما" لان السماوات قد سويت الى سبعه سماوات بعد خلق السماء الاولى ( الدنيا) وذلك بالاستواء على السماء الاولى وهي دخان. 

  2. المدلول الثاني : وهو الاصح:  بان يكون المقصود بعمليتي "الرتق" و "الفتق هو للجرم الذي بدأ عنده خلق السماوات والارض بهدف تفعيله وإحياءه تنفيذا للمشيئه اللاهيه "كن" , وطبفا لسنه الله و آليات الخلق التي استنها سبحانه عند جميع خلقه (بذره أو بويضه فجنين فخلق آخر) فخلقت السماء الاولى نتيجه لحدث "الانفجار العظيم" امتدادا لهذا "الرتق" وامتدادا لهذا " الفتق " بشقيه (الاصغر والعظيم) واستمرارا لاثرهما,  ومن ثم سويت السماء الاولى الى سبعه سماوات عند حدث الاستواء على السماء وهي دخان واستمر تأثير عمليتي "الرتق" وعمليه "الفتق" على جميع الاحداث الكونيه لما قبل ولما بعد احداث "الانفجار العظيم" . 

 

  • حقبه " الرتق " : وهي الحقبه التي ابتدأت ملامسه للحظه الصفر قبل الانفجار العظيم واستمر اثرها وفعلها في الاحداث الكونيه بعد هذا الانفجار: تمثلت بدايه بعد خلق " الباديء " برتق مكونات هذا " الباديء " مع حاضنته بهدف تحفيز آليات التفاعل عند هذا الباديء ليشكلا معا البذره التي حملت " شيفرات " و" مخطط بناء " هذا الكون وآليات خلقه تدرجا خلقا من بعد خلق.

  • حقبه " الفتق " الاصغر : وهي الحقبه التي بدأت ملامسه لفتره بلانك عند بدأ الجزء الثاني من الثانية الأولى ما قبل حدث "الانفتاق العظيم" (1)  والذي نتج عنه مباشره "حدث الانفجار العظيم ", واستمر اثر هذا الفتق وفعله في الاحداث الكونيه  بعد ذلك , حيث تمثلت عمليه الفتق هذه بفتق بعض من مكونات البذره الكونيه وتخليق جسيمات الماده البادئه وجسيمات الجاذبيه والجاذبيه المضاده اضافه الى تخليق " فضاء الحدث" (****) وهو المكان الذي حدث عنده "الانفتاق العظيم" و حدث عنده الانفجار العظيم في بدايه الجزأ الثاني من الثانيه الاولى التي تلت عمليه تخليق الماده الابتدائيه وجسيمات الجاذبيه بنوعيها.

  • حقبه الانفتاق العظيم و حدث الانفجار العظيم: وهي الحقبه التي بدأت لحظيا بعد انتهاء عمليه الرتق و عمليه الفتق الاصغر وعند الجزء الثاني للثانيه الاولى تبعا لتقسيمات بلانك وبدأ عندها انفتاق ضخم فجائي لمجمل مكونات "جرم الماده البادئه" بسبب الانهيار المفاجيء للقوى البينيه المشكله لسطح هذا الجرم مما ترتب عليه تحرر جسيمات الجرم  وانطلاقها في فضاء الحدث مما تسبب في حصول ظاهره الانفجار العظيم نتيجه للتفاعلات العنيفه الفجائيه لجسيمات الماده الاوليه  للجرم مع جسيمات الطاقه وجسيمات الماده المظلمه المتنمذجه في فضاء الحدث, عندها بدأ فضاء الحدث بالتوسع الفجائي تحت سيطره قوى الجاذبيه الموحده و تحت سيطره الطاقه والماده السوداء واللتان عملتا على توازن انتشار جسيمات الماده وعدم تشتتها في نفس الوقت  تنَمْذُج الزمكان (الزمان والمكان) (****)  بمفهوم آينشتين حيث انفتقت لبنات الماده الاوليه على صوره فوتونات وكواركات تحت تأثير قوه موحده كونيه قبل تمايزها الى اربع قوى رئيسيه في مراحل تتابع الخلق اللاحقه, اضافه الى ارتفاع شديد في حراره فضاء الحدث نتيجه لهذا الانفجار.

  • حقبه بدايه خلق الماده :والمتمثله بتخليق انويه العناصر الخفيفه كالهيدرجين والهيليوم نتيجه لاتحاد الكواركات مع "الروابط الجالونات" (ظاهره رتق اللبنات الاساسيه) وفي هذه الحقبه تمايزت القوه الكونيه الموحده الى الاربع قوى الرئيسيه التي تحكم التوازن في الكون وهي تتمثل بالقوى النووية الضعيفة, والقوى النووية الشديدة و القوة الكهرومغناطيسية (وهي عبارة عن قوتين مندمجتين وهما الكهربائية والمغناطيسية) وقوة الثقالة أو الجاذبية الكونية.

  • الحقبات اللاحقه: والتي توالت متتابعه خلقا من بعد خلق (رتقا وفتقا) (5) وكما شرحناها في كتابنا " كيف بدأ الخلق" الجزأ الاول , وتبعا لما استنه الله سبحانه وتعالى وتبعا لمشيئته حتى اصبح الكون بناء محكما متوازنا ومحفوظا بقدرته عز وجل حتى يرث الله سبحانه وتعالى الارض والسماوات ومن فيهن.

 

تنويه: كان الهدف من عمليه الانفتاق العظيم لمكونات جرم لماده البادئه هو اطلاق وتحرير تلك المكونات من جسيمات الماده الاوليه خارج جدار الجرم لتتفاعل مع مكونات فضاء الحدث من جسيمات الطاقه وجسيمات الماده المظلمه الاوليه, وهذا التفاعل الفجائي العنيف ترتب عليه حدث الانفجار العظيم بدأ من بدايه الجزء الثاني للثانيه الاولى حسب تقسيمات بلانك , فالانفتاق أو "الفتق" وحده دون حصول الانفجار لن يكون كافيا لان يولد الطاقه والحراره اللازمتان لتحويل وتخليق جسيمات الماده الاوليه الى  الكواركات والفوتونات واللبتونات والنيوترونات وما الى ذلك , فبدون توافر حراره كافيه لذلك التحول لانهارت الماده البادئه على نفسها مره أخرى بعمليه "رتق" متسلسله أخرى نتيجه لتأثير قوى جسيمات الماده المظلمه وجسيمات الطاقه,   اضافه الى ذلك ما كان للتوسع الكوني ان يحدث بدون هذا الانفجار, فهذا التوسع الكوني كان ضروريا  لانتشار جسيمات الماده المخلقه في فضاء الحدث المتوسع نتيجه لهذا الانفجار وبعيدا عن مركزه , وبعباره أخرى ما كان للكون ان يخلق دون ألانفتاق العظيم من جهه والذي تسبب في اشعال فتيل الانفجار العظيم (ان صح التعبير), وما كان الكون سيخلق دون حدوث الانفجار العظيم من جهه أخرى ..... والله اعلم واهدى.

(*)     "النطف" طبقا لنظريه "الكينونه"  هي  نوع من الجسيمات البادئة الثقيلة  اللتي تحمل "فرادات" (فرديه) شبه شعريه من الشيفرات السالبه الشحنه للماده و  تمثل نصف عدد تلك الشيفرات والتي ستتحد (تندمج) خلال عمليه الاندماج (الرتق)  مع قرائنها من الشيفرات الموجبه الشحنه الموجودة في الجسيمات البادئة للبيضة المسماة ب "الصبغات" والتي تحمل بدورها فرادات (فرديه) شبه شعريه من شيفرات الماده الكونيه والطاقة  تمثل النصف الآخر من عدد تلك الشيفرات , حيث يؤدي هذا الاندماج الى تكون جسيمات ابتدائية للماده والطاقه تسمى ب "المورثات" وهي ذات فرادات شبة شعرية مغزليه مزدوجة الشعيرات تحمل كامل الصيغ والشيفرات المفعلة للمادة الكونية وللطاقة الكونية بشقيها الموجب والسالب والتي سينتج عنها لاحقا "البذرة الكونية" أو المادة البادئة, ويعزى اليها جميع الخصائص الفيزيائيه للماده والطاقه في الكون.

(**)     طبقا للحديث النبوي الشريف: " قدَّرَ اللهُ مقاديرَ الخلائقَ قبلَ أنْ يَخلقَ السَّماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ وعرشُهُ على الماءِ " حيث اننا نفهم من هذا الحديث الشريف ان الله سبحانه وتعالى قد قدّر مقادير الخلق (من صفات ونوع ووظيفه ورزق ...وما الى ذلك) قبل خلق السماوات والارض بخمسين الف سنه من سنين الله , ولما كان اليوم عند الله يعادل الف سنه مما نعد مصداقا لقوله سبحانه : " وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ " [الحج: آيه 47]  اي ان الوقت ما بين تقدير مقادير الخلق (الكتاب) الى وقت خلق السماوات والارض يعادل حوالي  18.25 مليار سنه ارضيه (50000*365*1000)  وبذلك يكون الوقت ما بين تقدير مقادير الخلق الى حدث خلق " الباديء" والبدأ بعمليتي "الرتق" و "الفتق" , هو = 18.25-5.6 ((زمن الاستواء على السماء وهي دخان (حقبه التأين الثانيه)) = 12.65 مليار سنه من سنين الارض.

(***)      جاء في دار الافتاء المصرية التالي :الرقـم المسلسل: 4307 , الموضوع: هل لله تعالى مكان أو تحيز, الـمـفـتـــي: أمانة الفتوى:" من ثوابت العقيدة عند المسلمين أن الله تعالى لا يحويه (يحده) مكان ولا يحده زمان ؛ لأن المكان والزمان مخلـوقان ، وتعالى الله سبحانه أن يحيط به شيء من خلقه ، بل هو خالق كل شيء ، وهو المحيط بكل شيء"

(****)    لقد غاب عن مجمل النظريات التي بحثت في نشوء الكون ومن ضمنها نظريه الانفجار العظيم البحث في كيفيه نشوء الفراغ الكمومي (فضاء الحدث) ك "مكان" حصل عنده وفيه الانفجار العظيم , اذ لا يمكن حدوث هذا الانفجار في "اللامكان" او في العدم وهذا الامر قد فسرته نظريه "الكينونه" للمؤلف وبينت نظريا كيفيه احتمال نشوء هذا الفضاء كنتاج لعمليتي "الرتق" و"الفتق" السابقتين لحظيا لظاهره الانفجار العظيم, وهذا الفضاء كان ضروريا لاحتواء نتاج الانفجار العظيم ونمذجتها وإتزانها في فراغ كمومي ليصبح هذا الفضاء نتيجه لقابليته اللامحدوده للتوسع سبعه سماوات طباقا بما تحتوي عليه من ملايين المجرات وعناقيد المجرات والنجوم والكواكب والطاقه والماده وما الى ذلك من خلقه سبحانه وتعالى. ونلاحظ هنا ان هذا الفراغ الكمومي (فضاء الحدث) هو "مكان" حدوث ظاهره الانفجار العظيم, اي ان المكان قد وجد لحظيا قبل الزمان تبعا لزمن "بلانك"

(1)       لم يكن من الممكن حدوث ظاهره  الانفجار العظيم دون حدث ظاهره "الانفتاق العظيم" والذي حدث فجأه وبلا زمن ملامسا لحدث الانفجار العظيم الذي تلاه مباشره وبلا زمن ايضا, فعند انتهاء عمليه الفتق الاصغر للبذره الكونيه انهارت القوى البينيه لسطح "جرم الماده البادئه"  بتأثير تفاعلات ماده الجرم المتراكمه ذات الحراره العاليه وبتاثير جسيمات الجاذبيه العكسيه وجسيمات الطاقه المظلمه وبتأثير قوى الجاذبيه الموحده خارج الجرم (فضاء الحدث) والمتولده عن عمليه الفتق الاصغر, حيث نتج عن ذلك انفتاق ضخم فجائي لمكونات "جرم الماده البادئه" وانطلاقها  في فضاء الحدث مما تسبب في حصول ظاهره الانفجار العظيم نتيجه للتفاعلات العنيفه الفجائيه لجسيمات الماده الاوليه والطاقه بشقيها الموحد والمظلم, عندها بدأ فضاء الحدث بالتوسع الفجائي تحت سيطره قوى الجاذبيه الموحده و تحت سيطره الطاقه والماده السوداء والتان عملتا على توازن انتشار جسيمات الماده وعدم تشتتها .

(5)   إن عمليتي " الرتق"  و " الفتق "  هما عمليتان مستمرتان منذ ما قبل الانفجار العظيم والى ما بعده حتى يرث الله عز وجل الارض وما عليها, فما اتحاد جسيمات الماده (الكواركات) مع الروابط (الجالونات) لانتاج انويه الهيدرجين في بدايه الدقائق الاولى على الانفجار العظيم ما هي الا صوره من صور " الرتق" , وعمليه الاندماج الننوي لذره الهيدرجين هي في الواقع صوره من صور " الفتق" (خساره نيوترون) وهي في نفس الوقت صوره من صور " الرتق " (اكتساب اليكترونات وبروتونات) وهكذا دواليك في مجمل التفاعلات الكونيه.

تنويه: في واحده من المؤتمرات العلميه التي كان لي شرف حضورها محاضرا في اشباه الموصلات سنه 2009 والتي عقدت بمدينه لايبدزيج في المانيا, نوقش خلال احدى الندوات الجانبيه للمؤتمر رؤيه الاسلام لحدث الانفجار العظيم حيث ابتدأ بعضٌ من اشباه العلماء الاجانب (اللذين لايستحقون الذكر) بمهاجمه التفسير الاسلامي لحدث الانفجار العظيم  والقائل  بان الرتق يعبر عن الجرم الابتدائي والفتق يعبر عن الانفجار العظيم وأخذ هؤلاء الاشباه بشرح كلمه الفتق الانكليزيه التي ترجمتها (hernia) وكيف انها من المستحيل ان تعبر عن معنى الانفجار (explosion) وهي من الممكن ان تكون قريبه المعنى من كلمه (burst) والتي قد تعني اضافه الى معنى الانفجار معنى اِنْفَلَقَ , فَلَقَ, فما بالك بان الانفجار كان هائلا او كبيرا او عظيما فاين الفتق من هذا؟, وأخذوا ومن خلفيتهم الالحاديه بالتهجم على ثوابت الاسلام بعيدا عن ايه ضوابط اخلاقيه او مهنيه, وكان حضوري تلك الندوه متأخرا وبعد ان قام صديقي العالم العربي الجزائري مراد بلعمري الذي كان حاضرا لتلك الندوه باستدعائي على عجل لعلمه بخلفيه نظريتي " الكينونه " عن هذا الموضوع.. أختصار وبعد تقريع مؤدب لما جاء على لسانهم تهكما على سيدنا محمد اشرف الخلق, ابتدأت حواري مع هؤلاء الاشباه وبحضور حوالي سته علماء آخرين ان لم تخونني الذاكره, وبكل خُلِقٍ اسلامي ملتزم بينت لهم ان الاسلام يحض على التفكر بآيات الخلق, والاجتهاد لفهم مكنوناتها وان الله سبحانه وتعالى يثيب المجتهد ولو اخطأ, وبينت لهم بشرح مطول بعضٌ من افضال العلماء المسلمين على حضارتهم الغربيه وان هؤلاء العلماء المسلمون  قد نقضوا اعمال الاغريق واضافوا إليها او صححوها او رفضوها بالمطلق لان القرآن الكريم كان دستورهم العلمي وكان الايمان عندهم ان ما جاء به القرآن من حقيقه علميه هو الصحيح وان جاء البشر برأي يخالف القران فهو غير صحيح ولذا كانت اعمالهم نورا اضاء ظلام الجهل عند الغرب وباعتراف القله المنصفه من مفكريه ....

 

وإذا كان بعض من العلماء المسلمين قد خرجوا عن المنهج العلمي الاسلامي والمتمثل بالاستقراء والاجتهاد ومن ثم ابداء الرأي فهذا الامر لا يجب ان يعمم على انه خطأ القرآن او خطأ الاسلام كدين بل هو خطأ بشري ليس الدين مسئولا عنه , وتقدمت للحاضرين بعدها بمسوده ملخصه عن نظريه " الكينونه " (التي كانت وليده ولم تكتمل بعد في حينه) ملحقه بالملاحظات الايجابيه عليها للعالم الفذ " كارل ساغان " والبروفسور "هانز فْي. باخلار" واخرين... وانتهت الندوه عند هذا الحد بعد اعتذار على استحياء من هؤلاء الاشباه من العلماء.

 

ففي رايي واحقاق للحق ان ما اثاره هؤلاء الاشباه كان في محله, فليس المعقول ان نفسر الانفجار بكل ما تعنيه هذه الكلمه من مرادفات  كالاهوال والحراره الخارقه والطاقه  والتشتت والتوسع والتبعثر والتدمير....وما الى ذلك بكلمه " الفتق " وما تعنيه من انتفاخ وتشقق أو انبعاج وتفكك, وقد يكون حدث الانفجار العظيم " فتقا " اذا ما اثبت القائل بهذا ذلك, وبانه ليس هنالك انفجار قد حدث في بدايه حقبه نشوء الكون (وهو مخالف لجميع الفرضيات المثبته) وان الماده الاوليه التي سماها " رتقا " قد انفتقت دون حصول حدث الانفجار العظيم, أي ان عليه اثبات نظريته تلك او صياغتها بطريقه مقنعه دون ان يُحمّل القرآن الكريم غير ما يعنيه, وهذا الامر وما شابهه في رأيي اساءه للاسلام عن دون قصد.

 

 

 

الرتق والفتق

أوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فتقناهما ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ "

" أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " [الانبياء: آيه 30]

مواضيع ذات صله

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page