top of page

حديث عجب الذَنَب

عن ابي هريره

قال الحبيب المصطفى عليه الصلاه والسلام:  " كل ابن آدم تأكل الأرض إلا عَجْب الذَنَب منه خلق وفيه يركب "

وقال عليه الصلاه والسلام : يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه، قيل: وما عجب ذنبه يا رسول الله؟ قال: مثل حبة خردل منه نشأ»، وقال أيضاً « إن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبداً فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم يا رسول الله قال عجب الذنب »، وقال عليه الصلاه والسلام: « ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد هو عجب الذنب».

حديث حسن صحيح متفق عليه

 لقد اثار هذا الحديث النبوي الشريف زوبعه من الطعن والتشكيك من قبل الملحدين واصحاب النوايا الخبيثه من اهل الكتاب بهدف الاساءه الى نبي الرحمه محمد ابن عبدالله صلوات الله عليه وعلى اله وصحبه, وذلك بهدف التشكيك بالاسلام وبرسالته الخالده.

 

لقد قمت من موقعي العلمي بدراسه اغلب ما نشر عن هذا الحديث من ابحاث سواء كان منها العلمي او الفقهي , حيث وجدت ان اغلب ما جاء في هذه الابحاث لا يخاطب في مجمله العقول الملحده او المشككه والتي لا تؤمن بالله او برسالته الخاتمه, مما حذاني وبتوفيق من الله التعمق في البحث للرد على امثال هؤلاء الذين عبدوا العلم من دون الله سبحانه وتعالى.

 

نجد من سياق الحديث النبوي الشريف ان سيدنا محمد عليه الصلاه والسلام قد اشار في حديثه الى ثلاث امور:

 

الامر الاول: من عجب الذنب ينشأ ابن آدم  " منه نشأ "

 

حيث انه من المثبت علميا ان الجنين يتم تكوينه (نشأته) في رحم امه بدأ مما يسمى الشريط الأولي  (*)(Primitive Streak) الذي يظهر لأول مرة في اليوم الخامس عشر منذ بدء عمليه التلقيح للبويضه بعد عمليات انقسام وتخليق مستمره للقرص الجنيني البدائي,  والشريط الأولي علامة هامة على بداية تمايز أنسجة الجنين وتكون الطبقات المختلفة ومنها الأعضاء، والواقع أن ما يعرف بمرحلة تكون الأعضاء Organogenesis لا تبدأ إلا بعد تكون الشريط الأولى والميزاب العصبي والكتل البدنية وتستمر من بداية الأسبوع الرابع إلى نـهاية الأسبوع الثامن، بحيث يكون الجنين في نـهاية هذه الفترة قد استكمل وجود جميع الأجهزة الأساسية فيه، وتكونت أعضاؤه ولم يبق إلا التفصيلات الدقيقة والنمو, وفي حال عدم تكون هذا الشريط يفشل الجنين في النمو والاستمرار - حتى لو حدث التلقيح - ولا ينتقل أبدا لمرحلة تكون الأعضاء وظهور الجهاز العصبي. وبسبب الدور الحيوي لهذا الشريط (الذي يتحول لعصعص) اتفقت اللجنة البريطانية المختصة بأخلاقيات التلقيح الصناعي على اعتماده كعلامة فاصلة تحدد الوقت الذي يُسمح فيه للأطباء بإجراء التجارب على الأجنة المبكرة أو الاستفادة من فائض التلقيح الصناعي في الأنابيب!!. ان الشريط الأولي كما أسلفنا ذو أهمية بالغة لأن نشاطه الجم يؤدي إلى تكون النوتوكورد (سالفة العمود الفقري)، وإلى تكون الطبقة المتوسطة الداخلية (الميزودرم Mesoderm) ، ولا يكاد ينتهي الشريط الأولي من مهمته تلك في الأسبوع الرابع حتى يبدأ في الاندثار ويبقى كامناً في المنطقة العجزية - العصعصية - في الجنين ثم في المولود، ويندثر ما عدا ذلك الأثر الضئيل الذي لا يرى بالعين المجردة.

 

هذا بالنسبة للامر الاول الذي بينه الحديث الشريف وهو أن الإنسان يبدأ خلقه من عجب الذنب.

 

(*) الشريط الاولي: هو أول ما يظهر من البويضة (بعد تلقيحها في الرحم وتحولها لمضغة) وهو خيط أو شريط عظمي رفيع (يدعى الشريط الأولي أو primitive streak ) تنمو منه أنسجة وأعصاب وأعضاء الإنسان. وهو يظهر في اليوم الخامس عشر من الحمل ثم يتقلص ويتراجع في الأسابيع التالية ولا يبقى منه إلا أثر ضامر يعرف بالعصعص أو عجب الذنب (Coccyx أو Human Tailbone)!! لقد اكتشف العلماء أن الذي يقوم بالتخليق والتنظيم لجميع خلايا الجنين هو الشريط الأولي، وأول من اكتشف ذلك من العلماء هو العالم الألماني الشهير (هانسن سبيمان) حيث قام بدراسات وتجارب على الشريط الأولي والعقدة الأولية وأكتشف أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما اسم(المنظم الأولي أو المخلق الأولي ¬(Primary Organizerوقام بقطع الشريط الأولي وزرعه في جنين آخر في المراحل الجنينية المبكرة في الأسبوع الثالث والرابع فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف؛ حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير على البيئة التي حولها والمكونة من خلايا الجنين المضيف، بحيث تؤثر عليها وتنظمها ويتخلق منها جنين ثانوي مغروساً في جسد الجنين المضيف.

 

الامر الثاني: عدم فناء عجب الذنب

 

كما بينا سابقا فان عجب الذنب وعند انتهاء مهمته في تخليق الطبقات المختلفه للجنين وتمايز اعضاءه واكتمال اجهزته الاساسيه يقوم بالتقلص والتراجع في الأسابيع التالية ولا يبقى منه إلا أثر ضامر يعرف بالعصعص أو عجب الذنب (Coccyx أو Human Tailbone)!!, حاملا معه الشيفرات الوراثيه للجنين المخلق,   ورغم تراجعه (كعصعص) إلا أنه يظل محتفظا بخصائصه الخلقية وقدرته على إنماء الأعضاء في حال ما نُشِط مجددا.. وهذا بالضبط ما يحدث في حالة "الجنين المسخ" حيث يعود العصعص لنشاطه بطريقة مفاجئة فيشكل أعضاء (إضافية جديدة) كاليد والقدم والأصابع أو ينمو كورم مسخي مشوه حين يفتحه الجراح يجد داخله أعضاء متفرقة كالأسنان والأمعاء والعظام والغدد!!.

 

لقد جرت محاولات وتجارب علميه لسحق (**)  العصعص ( عجب الذنب) أو احراقه (***) حيث ثبت علميا ان ذلك لم يؤثرعلى عمل وفاعليه العصعص الذي نما مره أخرى رغم سحقه ولم تتأثر خلاياه بهذا السحق او الحرق. 

 

هذا بالنسبة للامر الثاني الذي بينه الحديث الشريف وهو أن عجب الذنب لا يفنى

 

(**)  لقد قام العالم الألماني (سبيمان) عام 1931م بسحق المنظم الأولي وزرعه مرة أخرى فلم يؤثر السحق حيث نما مرة أخرى وكون محوراً جنينياً ثانوياً رغم سحقه ولم تتأثر خلاياه. وفي عام 1933م قام هذا العالم وعلماء آخرون بغلي المنظم الأولي وزراعته بعد غليه فشاهدوا أنه يؤدي إلى نمو محور جنين ثانوي بعد غليه ولم تتأثر خلاياه بالغليان، ولقد نال العالم الألماني (سبيمان) جائزة نوبل عام 1935م على اكتشافه للمنظم الأولي.

 

(***) لقد قام الدكتور عثمان جيلان بالتعاون مع الشيخ عبد المجيد الزنداني في رمضان 1424هـ في منزل الشيح عبد المجيد الزنداني في صنعاء بتجربة على العصعص حيث قاموا وتحت تصوير تلفزيوني بأخذ أحد فقرتين لخمس عصاعص للأغنام وقاموا بإحراقها بمسدس غاز فوق أحجار ولمدة عشرة دقائق حتى احمرت وتأكدوا من إحراقها التام بحيث أصبحت حمراء، وبعد ذلك أصبحت سوداء متفحمة فوضعوا القطع في علب معقمة وأعطوها لأحد أشهر المختبرات في صنعاء (مختبر العولقي).

وقام الدكتور صالح العولقي أستاذ علم الأنسجة والأمراض في جامعة صنعاء بفحصها نسيجياً وكانت النتيجة مبهرة حيث وجد خلايا عظمة العصعص لم تتأثر ولازالت حية وكأنها لم تحرق، أما الذي احترق فهو العضلات والأنسجة الدهنية وخلايا نخاع العظم المصنعة للدم، أما خلايا عظمة العصعص فلم تتأثر

 

الامر الثالث: منه يركب الخلق يوم القيامة:

 

الامر الثالث التي أخبر به هذا الحديث الشريف هي أن الإنسان يركب خلقه يوم القيامة من عجب الذنب، ومما يصلح أن يستدل به على هذا الامر هو أن عجب الذنب بعد أن يتراجع ويستقر في العصعص حاملا الشيفرات الوراثيه للجنين المخلق فإنه إذا ما حدث له مؤثر ونما مرة أخرى فإنه ينمو نمواً يشبه نمو الجنين حيث يبدأ في تكوين الطبقات الأولية الثلاث (الإكتودرم والميزودرم والإندودرم) تماماً مثل نمو الجنين الاصل، ( كما يحدث عندما ينمو على صورة ورم مسخي، يشبه الجنين بحيث تبرز بعض الأعضاء كالقدم واليد- بأصابع وأظافر- والأعضاء الاخرى) ، ووجود هذه الخلايا في منطقة العصعص حامله للشيفرات الوراثيه لكي تحفظ السلاله البشرية، ويمكن الاستدلال بهذا على أن الإنسان يركب من عجب الذنب يوم القيامة فمنطقة عجب الذنب تحتوى على خلايا الشريط الأولي للجنين وهي ذات مقدرة شاملة كلية بحيث لو نمت خلية فإنها تنمو نمواً بحيث تكون جنيناً يطابق في صفاته الاصل, وما عمليه استنساخ النعجه "دولي" الى صوره مصغره كمثال على دور الخلايا في تخليق صوره طبق الاصل للمستنسخ.

 

فالله سبحانه وتعالى قادر على ان يخلق ما يشاء وكما يريد دون الحاجه الى مسبب, ولكن سنه الله في خلقه ان جعل لكل شيء سببا, فالتدرج في الخلق من سننه سبحانه وهو القائل وقوله الحق "  قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " , ففي رأيي ان عجب الذنب لا يحمل فقط الشيفرات الوراثيه للجنين عند خلقه فقط بل يحمل ايضا جميع الصفات المكتسبه من بدايه الخلق وحتى فناء المخلوق بموت نفسه نتيجه لاتصال العصعص بالجهاز العصبي للكائن الحي, فعندما تقتضي المشيئه الآهيه باعاده تركيب هذا المخلوق يوم القيامه فانه يأتي بجميع صفاته التي كان عليها يوم موته.

 

الخلاصه: من خلال اكتشافات العلم الحديث رأينا أن الإنسان يبدأ خلقه وتركيبه في اليوم الخامس عشر من عجب الذنب، ويعمل عجب الذنب على تكوين أجزاء جسم الإنسان ثم يرجع فيستقر في نهاية العمود الفقري في العصعص، وأظهرت التجارب أن عجب الذنب يبقى محافظاً على خواصه حتى لو تعرض للحرق أو الطحن أو الغلي، وتمكن العلماء من ملاحظة قدرة عجب الذنب على إعادة عملية التخليق إذا تعرض لبعض المؤثرات مشكلاً ما يشبه الجنين.

 

وكل هذه الحقائق احتوتها الأحاديث النبوية الشريفة ولم تتوصل العلوم التجريبية إلى معرفتها إلا بعد مئات السنين، وبعد أن تمكنوا من حيازة التقنيات الحديثة وعلى مراحل مختلفة من تطور هذه التقنيات حتى تمكنوا من الحصول على هذه الحقائق العلمية التي أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ موجز يحوي في طياته جوامع الكلم، فلا يمكن لعاقل أن يتصور مصدراً لهذه الحقائق العلمية من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة غير وحي صادق من الله الخالق الذي خلق فأبدع، وألهم خاتم أنبيائه النطق بهذه الحقائق ليبقى فيها من الشهادات على صدق نبوته ورسالته ما يكون ملائماً لكل إنسان في كل عصر وزمان.

 

 

 

 

Please reload

"  أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" [الحج: 46] 

"وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ"

  [ النجم: آيه 3-5] 

هل للقلب عقل

مواضيع ذات صله

موقع د. مهندس مأمون عبد القادر شاهين  الاعجاز القرآني برؤيا علمية متجدده

الماده العلميه في هذا الموقع هي جزأ من مقالات وكتب «د. مهندس مامون شاهين» المنشوره , لا يسمح بالاقتباس او النشر لاي من المواد او المقالات جزئيا او كليا دون ان  ينسب المقال الى «د. مهندس مامون شاهين» - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص

Last Update: April 2018

© 2012-2017 by Mamoun A. Shahin. Proudly created with Wix.com

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page
الرد على شبهات اهل الكتاب
الطعن في كرويه الارض في القران
قضايا فقهيه
الابتلاء والعقوبه الدنيويه
bottom of page