من معجزات هذا الحديث النبوي الشريف انه قد اشتمل على علوم وحقائق شتى ما كان لاحد من البشر ان يعلمها او ان يُلِم بها في حينها, وتنقسم هذه العلوم تبعا لسياق هذا الحديث الشريف الى قسمين:

القسم الاول : جمع الجنين في بطن امه

القسم الثاني : غيبي خاص بقدر هذا المخلوق.

 فالقسم الاول: يشتمل على حقائق علميه معجزه, فقوله عليه الصلاه والسلام " إن احدكم يجمع في بطن امه اربعين يوما" هو قول معجز حيث اننا نرى انه عليه الصلاه والسلام لم يقل "يُخلق" بدلا عن "يُجمع" ولم يقل "في رحم امه" بدلا عن " في بطن امه" خلافا لما هو متعارف عليه لدى علماء الاجنه الذي يقول ان الجنين يَتخلّق في رحم الام , وقد يكون قول هؤلاء العلماء صحيحا ولكنهم جاءوا بجزأ من الحقيقه, فقوله عليه الصلاه والسلام " يجمع في بطن امه" هو الاصح والادق علميا لان المثبت علميا ونتيجه لتجارب العلماء في حقل التخصيب خارج الرحم (اطفال الانابيب) وجدوا ان التلقيح للبويضه لم ينجح معهم الا في ظروف اظلام شبه كامل مصداقا لقوله تعالى " يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ " (الزمر: ايه 6), وهذا الاظلام امر لا بد منه لكي تستطيع خلايا البويضه الملقحه بالانقسام دون ضرر, فالرحم جزأ من ظلمات ثلاث هي: اغشيه المشيمه المحيطه بالجنين, جدار الرحم  ومن ثم جدار البطن, والبطن بمفهومه الشامل يحتوي على هذه الظلمات الثلاث, ولذا كان قوله عليه الصلاه والسلام " في بطن امه" هو الادق والاصح.

تنويه: من المثبت علميا ان الاظلام ضروري لاكتمال نمو الجنين بدأ من البويضه الملقحه وحتى اكتمال النمو ليصبح الجنين خلقا آخر, وبدون هذا الاظلام لن ينمو الجنين نموا سليما وسيتعرض للتشوه او الموت , فالضوء من اكثر الامور التي تعرض الجنين الى المخاطر , فلقد اثبتت الابحاث ان الضوء الفوق بنفسجي (32-400 نم) والاشعه القريبه من الضوء الاحمر ( اكثر من 750 نم) تؤذي الجنين وتؤذي البويضه, والضوء الوحيد الذي لا يؤذي الجنين هو الضوء الاخضر المزرق (525-575 نم) , فغلاف المشيمه (الظلمه الاولى) يتكون من ثلاث طبقات : الغشاء الامينوسي, والغشاء الكوريوني والغشاء الساقط وهي تحيط بالجنين احاطه تامه وتعمل كفلتر للضوء اضافه الى وظائفها الاخرى الاساسيه (كالتغذيه, حمايه الجنين من الصدمات...الخ).

ونجد في قوله عليه الصلاه والسلام " يجمع في بطن امه " قولا معجز لانه في فتره الاربعون يوما الاولى (ما بين الاسبوع الخامس والسادس) على تخصيب البويضه يكون للام دورا في تطور هذه البويضه وذلك بتجهيز المشيمه كمكان للعلقه التي تتطور انقساما الى ما يسمى  "بالشريط الاولي", وهو أول ما يظهر من البويضة بعد تلقيحها في الرحم وتحولها لمضغة, وهو عباره عن خيط أو شريط عظمي رفيع (يدعى الشريط الأولي أو primitive streak ) تنمو منه أنسجة وأعصاب وأعضاء الإنسان. ويظهر في اليوم الخامس عشر من الحمل ثم يتقلص ويتراجع في الأسابيع التالية ولا يبقى منه إلا أثر ضامر يعرف بالعصعص أو عجب الذنب (Coccyx أو Human Tailbone)!! لقد اكتشف العلماء أن الذي يقوم بتجميع وتنظيم جميع خلايا الجنين هو الشريط الأولي، وأول من اكتشف ذلك من العلماء هو العالم الألماني الشهير (هانسن سبيمان) حيث قام بدراسات وتجارب على الشريط الأولي والعقدة الأولية وأكتشف أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق عليهما اسم المنظم الأولي ¬(Primary Organizer حيث انه قام بقطع الشريط الأولي وزرعه في جنين آخر في المراحل الجنينية المبكرة في الأسبوع الثالث والرابع فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة المزروعة في الجنين المضيف؛ حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير على البيئة التي حولها والمكونة من خلايا الجنين المضيف، بحيث تؤثر عليها وتنظمها ويتخلق منها جنين ثانوي مغروساً في جسد الجنين المضيف. 

ومن خلال هذا الشريط الاولي يتم تحديد معالم اعضاء الجنين وتحديد اماكن العقد الاوليه ونوعها اللازمه لتجميع كل عضو من اعضاء هذا الجنين, والتي يبدأ عندها ومنها تخليق كل عضو كالرأس واليدين والارجل والجهاز التناسلي والامعاء والجهاز العصبي...وما الى ذلك من اجهزه الجنين الاخرى  وتجميع مكوناتها خلقا من بعد خلق , فكلمه "جمع" تعبر عن دقه معجزه لوصف خلق مكونات هذا الجنين لانها ترشدنا الى حقيقه آليات خلق هذا الجنين وبانه يركب عضوا عضوا وخلال هذا التركيب يتم جمع تلك الاعضاء بعضها ببعض لتعمل كجهاز واحد الى ان يتمايز هذا الجنين بعد مرور مائه وعشرون يوما عندما تصبح نفس الجنين مكتمله ومتميزه عن نفس الام وجاهزه لاستقبال الروح التي ستنفخ فيها باذن الله وعندها يصبح الجنين خلقا آخر بقدرته سبحانه, فلا يمكن للجنين استقبال الروح التي ستمنحه الحياه بعيدا عن روح امه الا باكتمال خلق النفس الخاصه بالجنين وانفصالها عن نفس امه.      

اللهم لا تذرني فردا وانت خير الوارثين

و اجعل عملى خالصا لوجهك الكريم